للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: دراسة أهم المسائل العقدية الواردة في المناظرة]

مناقشة الشبهة الواردة في المناظرة والجواب عليها:

دار النقاش في هذه المناظرة حول شبهة أخرى من شبه النصارى، وهي تشبيههم اتحاد اللاهوت بالناسوت باتحاد الروح في البدن، وستكون مناقشة هذه الشبهة من وجهين:

[الوجه الأول: بيان أصل هذه الشبهة وسبب إيراد النصارى لها]

من المعلوم عند جميع العقلاء أن اتحاد شيئين مختلفين، وصيرورتهما شيئاً واحداً يلزم منه ولا محالة، تغير كل منهما عن ماهيته وتحوله عن حقيقته التي كان عليها، وهذا إيراد يرد على النصارى في عقيدتهم بالاتحاد؛ وذلك لأن من لازم قولهم بالاتحاد استحالة اللاهوت وتغيره عن حقيقته بعد اتحاده بالناسوت، وهم ينكرون هذا؛ لأنه يلزم منه بطلان قولهم، ويقولون بأنهما اتحدا من غير استحالة أو تغير أو تحول.

ثم أتوا بهذه الشبهة ليحتجوا بها على إمكانية حدوث ذلك عقلا فقالوا: إن الروح تختلط بالبدن ويكونا معاً إنساناً واحداً، أحدهما ملتحم بالآخر من غير أن تكون النفس تغيرت أو تحولت عن جوهرها أن تكون نفساً، ولا الجسد تغير، واستحال عن طبيعته. وبهذا يتضح سبب إيراد النصارى لهذه الشبهة، وتقريرهم لها (١).

[الوجه الثاني: بيان بطلان هذه الشبهة والجواب عليها]

بين شيخ الإسلام -رحمه الله- بطلان هذه الشبهة، والرد على القائلين بها، من عدة أوجه، منها ما يلي:

أولاً: أن هذا القول معلوم الفساد بالضرورة فإن لا يوجد عاقل يقول: إن الجسد قبل وجود النفس فيه وبعد خروجها منه يبقى على صفة واحدة لا يتغير،


(١) انظر: الجواب الصحيح (٤/ ٣٥٨).

<<  <   >  >>