للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: استدلالهم بإنزال المائدة من السماء:

بين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن هذا الأمر أيضا قد حدث لموسى -عليه السلام- مع قومه حيث كان ينزل عليهم كل يوم المن والسلوى، وينبع لهم من الحجر من الماء ما هو أعظم من المائدة، فإن الحلوى واللحم أجل في نوعه وأعظم في قدره مما كان على المائدة من الزيتون والسمك وغيرهما (١).

ثالثاً: استدلالهم بخلقه من امرأة بلا رجل:

بين شيخ الإسلام -رحمه الله- أن هذا الأمر أيضا لم يختص به المسيح دون غيره فقال -رحمه الله-: «فخلق حواء من رجل بلا امرأة أعجب من ذلك؛ فإن عيسى خلق الله من بطن امرأة وهنا معتاد بخلاف الخلق من ضلع الرجل فإن هذا ليس بمعتاد» (٢).

رابعاً: استدلاهم بجعله الطين على هيئة الطير ونفخه فيه فيكون طيراً بإذن الله:

وهذه أيضًا لم تكن خصيصة لعيسى -عليه السلام- قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: «وكذلك الملك يخلق النطفة في الرحم بإذن الله» (٣).

وهكذا كل دليل يحتج به النصارى على ألوهية المسيح -عليه السلام- فهو لا يخرج عن هذه القاعدة، فإما أن يكون مشتركاً بينه وبين سائر الخلق وإما أن يكون ممتنعاً في حق كل أحد، كما أوضح ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- أوضح بيان (٤).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ٣٤٧).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٣٤٦).
(٣) الجواب الصحيح (٣/ ٢٥١).
وشبيه ذلك أيضا قلب موسى للعصا إلى ثعبان عظيم بإذن الله، وتكليم الجمادات للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كما كان يسلم عليه الحجر، ويحن الجذع لفقده.
(٤) ومما استدل به النصارى على ألوهية المسيح، وهو مشترك بينه وبين غيره: شفاؤه للمرضى بإذن الله فقد حدث هذا لآخرين كُثر منهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
بل قد جاء شفاء المرضى في كتابهم المقدس عن غير واحد: منهم اليشع كما جاء في (سفر الملوك الثاني ص ٥ عدد ١٠) ومنهم بولس كا جاء في (أعمال الرسل ص ١٤ عدد ٨) ومنهم بطرس الرسول كما جاء في (أعمال الرسل ص ٥ عدد ١٤) وغيرهم. وانظر كتاب: رد السهام عن الأنبياء الأعلام -عليهم السلام- في دفع شبهات المنصرين عن أنبياء رب العالمين.

<<  <   >  >>