للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:١٠٩].

[الوجه الثاني: الجواب على هذه الشبهة]

إن مفهوم كلام الأشاعرة -بل هو صريح قولهم- أن القرآن ليس كلام الله سبحانه؛ لأن القرآن مكون من حروف ومعان، وكلام الله إنما هو معنى قائم في ذاته لا غير، فيكون القرآن كلام غير الله، حاكياً أو معبراً به عن كلام الله القائم في نفسه، فهو كلام جبريل أو كلام محمد -صلى الله عليه وسلم- عبر به عن كلام الله القائم بنفسه، وتسميته كلاماً لله إنما هو من باب المجاز لا الحقيقة (١).

وقد رد عليهم شيخ الإسلام بردود عديدة بين فيها فساد شبهة القوم ومقالتهم من وجوه عدة أهمها ما يلي:

الوجه الأول: الرد على قولهم: إن القرآن كلام الله معانيه دون حروفه، وذلك من وجوه:

١) أن "الله تعالى قد سمى نفس مجموع اللفظ والمعنى: قرآناً، وكتاباً، وكلاماً، فقال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحِجر:١]، وقال: {طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} [الشعراء:١ - ٢]، وقال: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف:٢٩]، إلى قوله تعالى: {قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا} [الأحقاف:٣٠]، فبين أن الذي سمعوه هو القرآن" (٢)، والمعنى المجرد من الحروف لا يمكن سماعه بديهةً.

٢) أن الله -عز وجل- قد أخبر عن تكليمه موسى في آيات عديدة، وقد "وكد تكليمه لموسى بالمصدر" (٣)، وفي ذلك "دليل على تكليمٍ سَمِعهُ موسى، والمعنى المجرد


(١) انظر: المواقف (ص: ٢٩٣ - ٢٩٤)، مشكل الحديث لابن فورك (٢١٢، ١٦٩) الإرشاد (ص: ١١٦ - ١١٧) شرح جوهرة التوحيد (ص:٩٤).
(٢) مجموع الفتاوى (١٢/ ١٢٥).
(٣) المصدر السابق (١٢/ ٣٩).

<<  <   >  >>