المقدمة الأولى: أن كثيراً من المسلمين يعظمون الصالحين ويغلون فيهم ويستغيثون بهم من دون الله.
المقدمة الثانية: أن ما يفعلونه ويقومون به من دين الإسلام.
النتيجة: لا يجوز الإنكار عليهم؛ لأنه لا فرق بين دين المسلمين ودين النصارى، فكلاهما يوجد فيهما تعظيم القبور والغلو في الصالحين والاستغاثة بهم.
[الوجه الثاني: الجواب على هذه الشبهة]
بين شيخ الإسلام -رحمه الله- بطلان هذه الشبهة من وجهين:
أولاً: بين رحمه الله أن هذه الأعمال ليست من دين الإسلام، ولا من فعل المسلمين، وإنما يفعلها بعض الجهلة ممن ينتسب للإسلام اسماً، ويخالفه فعلاً، وهم في الحقيقة بفعلهم هذا إنما يتشبهون بكم أيها النصارى وبما تقومون به من شرك، وفي هذا التقرير إبطال للمقدمتين، وإذا بطلت المقدمات بطلت نتائجها.
ثانياً: بين -رحمه الله- في جوابه أن دين الأنبياء جميعاً، سواء نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أو المسيح عيسى -عليه السلام- أو غيره من الأنبياء وعلى رأسهم إبراهيم -عليه السلام- هو عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، وكلهم كانوا يدعون إلى هذا، وينهون عما تصنعونه من شرك وعبادة لغير الله.
فمع ما في هذه النقطة من إبطال لدعواهم أن هذه الأفعال من دين الإسلام، ففيها تنبيه لهم أيضاً أنهم مخالفون لما جاء به دينهم وما جاء به المسيح عيسى بن مريم -عليه السلام-، وكذلك ما يفعله هؤلاء المنتسبون للإسلام، ليس هو الدين الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، بل دين جميع الأنبياء عبادة الله وحده لا غير.
وبعد توضيح شيخ الإسلام لهذه الحقيقة أقر بها المخالفون، وعرفوا أن ما هم عليه مخالف في الحقيقة لدين الأنبياء جميعاً، ولذلك قالوا في آخر المناظرة:«الدين الذي ذكرته خير من الدين الذي نحن وهؤلاء عليه»(١).