للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالنسبة للعين.

ثانياً: ظنه أن حقيقة التوحيد هي القول بالاتحاد المذكور الذي قرره بالشبهة السابقة.

وبعد تأمله في حقيقة التوحيد المزعوم وما ضربه عليه من مثال، تبين له أنه شبيهٌ بقول أهل الإلحاد، إلا أن هناك فرقاً يسيراً بينهما، فقال هذه المقولة الفاسدة.

[الوجه الثاني: الجواب على هذه الشبهة]

استطرد شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في بيان فساد مذهب ابن حمويه ومن سلك طريقه وذلك من وجوه كثيرة، ويهمنا هنا أن نلقي الضوء على الشبهة التي حملت ابن حمويه على القول بمثل هذه المقولة، فأما خطأه في فهم التوحيد فقد تبين في فصول سابقة حقيقة التوحيد الذي جاءت به الرسل وبطلان ما تسميه كثير من الطوائف توحيداً (١)، وأما شبهة ابن حمويه التي بنى عليها مقالته: وهي اعتقاده أن الله بالنسبة للعالم كالنور بالنسبة للعين، والعالم أجفان هذه العين، فقد أجاد شيخ الإسلام وأفاد في رد هذا التصور والاعتقاد، وذلك من وجوه كثيرة أبرزها ما يلي:

الوجه الأول: أن هذا الكلام ما هو إلا "دعوى مجردة بلا حجة ولا دليلٍ، وإذا كان من تكلَّم في مسألة من مسائل الاستنجاء أو الإجارة لم يُقبَل منه إلاّ بالحجة والدليل، فمن تكلم في خالقِ الخلق وربّ العالمين بكلامٍ لا يوجَد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا قاله أحدٌ من السلف ولا شيخ من المشايخ الذين لهم لسان صدقٍ في عمومه، بل جميعُ أهل العلم والإيمان والمشايخ المقبولون يُكفرون من يقوله، ولم يأتِ عليه لا بحجةٍ ولا دليلٍ، كيف يُقبَل منه؟ " (٢).


(١) راجع ص: ٢١٥.
(٢) جامع المسائل (٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>