للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني: أن هذا القول مخالف لمذهب جميع المسلمين، بل وسائر أهل الملل من اليهود والنصارى والمقرِّين بالصانع من أنه سبحانه حق موجود بنفسه، متميز عما سواه، وهو ربّ العالمين وخالق الخلق، وأنه ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاتِه شيء من ذاته، وأن جميع الكائنات عبادٌ لله فقراءُ إليه، وهو مالكهم وربهم وخالقُهم (١).

الوجه الثالث: أن لهذا القول لوازم فاسدة كثيرة، منها:

١) يلزم منه أن يكون الله محتاجًا للعالم مفتقراً له وذلك أن "نور العين مفتقر إلى العين محتاج إليها لقيامه بها فإذا كان الله في العالم كالنور في العين؛ وجب أن يكون محتاجا إلى العالم" (٢).

٢) يلزم منه أن يكون الله مفتقراً في وجوده إلى وجود مخلوقاته وذلك أنه جعل وجود الباري تبارك وتعالى مشروطاً بوجود العالم بحيث لولا مخلوقاته لانتشرت ذاته وتفرقت وعدمت، كما أن نور العين مشروط بوجود الأجفان بحيث لولا الأجفان لانتشر نور العين وتفرق وعدم (٣).

الوجه الرابع: قال شيخ الإسلام: «فمن يكون في قبضته السموات والأرض، وكرسيه قد وسع السموات والأرض، ولا يئوده حفظهما، وبأمره تقوم السماء والأرض، وهو الذي يمسكهما أن تزولا، أيكون محتاجاً إليهما مفتقرا إليهما؟! إذا زالا تفرق وانتشر؟!» (٤).

الوجه الخامس: أن كفر هذا القول من الوضوح بمكان لا يخفى، "وإذا كان المسلمون يكفرون من يقول: إن السماوات تقله أو تظله؛ أو أنه محتاج للعرش لحمله … فكيف بمن يقول إنه مفتقر إلى السموات والأرض وأنه إذا ارتفعت


(١) انظر: المصدر السابق (٤/ ٤١٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ١٩٥).
(٣) انظر: المصدر السابق (٢/ ١٨٦ - ١٨٧).
(٤) المصدر السابق (٢/ ١٨٧).

<<  <   >  >>