للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني إسرائيل عن دعاء الأموات وغير ذلك من الشرك، وذكر أن ذلك من أسباب عقوبة الله لمن فعله" (١)، وبهذا جاء جميع الأنبياء قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل:٣٦].

[المسألة الثانية: الاستدلال بالأحاديث الضعيفة والموضوعة]

لاشك أن الله سبحانه وتعالى تعبدنا بما شرعه لنا في كتابه، وما صح من سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأما الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة، فلا يستدل بها، ولا تؤخذ العقائد منها، ولا تجوز نسبتها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا على وجه يُبَيَّن فيه أنها ضعيفة، وإذا كان هذا هو حال الأحاديث الضعيفة، فكيف بالأحاديث الموضوعة المكذوبة عليه -صلى الله عليه وسلم-؟

وقد أجمع علماء الإسلام على عدم جواز روايتها ونسبتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن الاحتجاج بها والاستناد عليها- إلا على سبيل التنبيه على كذبها وبيان وضعها والتحذير منها (٢)؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) (٣).

ولا ريب أن فيما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من السنة الغُنْية والكفاية والخير كله، فلا حاجة لغيره من الضعيف والموضوع، ولا تتوقف معرفة الدين على الوقوف عليه، وأما أهل الأهواء فاستدلوا بالغثّ والضعيف والواهي والموضوع الذي فيه النصّ على ما يريدونه من الباطل والضلال، فامتلأت أقوالهم ومصنَّفاتهم من الاستدلال بهذا النوع المردود من الحديث، حتى صارت مصنَّفاتهم من مظانّ الحديث المردود.

وليس هذا المسلك بمستغرب على أهل الأهواء من القبورية ومن سار على منوالهم؛ فقد دلّت النصوص الشرعية على أن هذه طريقة متبعة عند أهل الهوى


(١) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (١/ ٣٢٤)
(٢) انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (٢/ ٨٣٩).
(٣) رواه مسلم في المقدمة (ص: ٩).

<<  <   >  >>