للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل لمجموعهما" (١).

[الوجه الثاني: الرد على نفيهم تعلق كلام الله بمشيئته وإرادته]

أما نفيهم كون القرآن كلام الله؛ لأن كلام الله لا يتعلق بمشيئته وإرادته، فهذا باطل؛ لأن النصوص الدالة على أن كلام الله متعلق بمشيئته لا تحصى كثرة كقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٨]، قال شيخ الإسلام معلقاً على هذا النص: «وفي هذا دليل على أنه حينئذ نودي، ولم يناد قبل ذلك، ولما فيها من معنى الظرف» (٢).

ومن ذلك قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص:٦٥]، فإنه وقت النداء بظرف محدود، "فدل على أن النداء يقع في ذلك الحين دون غيره من الظروف، وجعل الظرف للنداء لا يسمع النداء إلا فيه" (٣).

"ومثل هذا قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:٣٠] … ، وأمثال ذلك مما فيه توقيت بعض أقوال الرب بوقت معين؛ فإن الكلابية ومن وافقهم من أصحاب الأئمة الأربعة يقولون: إنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته، بل الكلام المعين لازم لذاته كلزوم الحياة لذاته" (٤)، وهذه النصوص واضحة الدلالة في الرد عليهم؛ لأنها إذا كانت دالة على أن الله تكلم بالكلام المذكور، في ذلك الوقت، فكيف يقال إن هذا الكلام كان أزلياً أبدياً.

وهل يمكن أن يقال: إنه لم يزل ولا يزال قائلاً: {يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ} [القصص:٣٠]، و {اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة:٣٤]، و {يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا} [هود:٤٨]؟! (٥).

وأما الأحاديث الدالة على ذلك فكثيرة أيضاً: ومنها: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما صلى


(١) التسعينية (٢/ ٥٤١)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٢/ ٤٥٦، وما بعدها).
(٢) مجموع الفتاوى (١٢/ ١٣١).
(٣) المصدر السابق (١٢/ ١٣١).
(٤) المصدر السابق (١٢/ ١٣١).
(٥) انظر: منهاج السنة (٣/ ١٠٤ - ١٠٥).

<<  <   >  >>