قوام المجد العصاميّ وعصامهُ، وذروة الشَّرف السامي وسنامهُ، ومالك ناصية الفضل وعزَّتها، وانسان عينه وقُرَّتِها، وشمس قلادته ودُرَّتها، ومُصرِّفُ أزمَّة النثر والنظم، ومُعيد رُواء الأدب بعدما وهن منه العظم، وأوحده الذي يقطع البلغاء بفريد كلامه، ويلاعب في حلباته بأسنّة أقلامه، إلى علم وسع المعقول والمشروع، وأحاط بالاُصول والفروع، وحلم وكرم وجود، وأخلاق يحقُّ لها السُّجود، وحظّ عظيم من قوّة الارتجال، والتهجّم على أبكار المعاني في الحجال، وهتك الأستار منها والخدور، وافتراش الصُّدور وافتراع البدور، واستخراج اللَّئالي من البحور، وتقليدها في أعناق الحور، وتحلية السواعد منها والنحور، بألفاظٍ أعذب من السيح، وأسجاع أطيب من أنفاس المسيح، وأمّا المُلَحُ والنوادر فهو أبو عذرها، ومبتدىءُ حُلوها ومرِّها.
وكان بينه وبين الوالد أطال الله بقاه من المخالَّة والمصافاة ما بين الخليصَيْن المُتصادقَيْن، والخليلَين المتوافقَين، لا يَرى أحدُهُما فضلاً إلاّ للآخر، ومن شعره إلى الوالد في جواب كتاب:
نور الهداية قد بدا من تُستَرا ... تأبى فضائُل سيّدي أن تُستَرا