فجعلها إلى فرعون وقومه، ووسَّع الآيات فجعلها تسعاً، ولما كان المقام مقام خوف في القصص، ضيّق المهمة، وقلل من ذكر الآيات.
وكل تعبير وضع في مكانه المناسب.
ثم إن استعمال كلمة (الآيات) في النمل مناسب لما تردد من ذكر للآيات والآية في السورة، فقد تردد ذِكْرهما فيها عشر مرات، في حين تردد في القصص ست مرات. فناسب وضع (الآيات) في النمل، ووضع (البرهان) في القصص الذي تردد فيها مرتين، في حين ورد في النمل مرة واحدة، فناسب كل تعبير مكانه.
١٨- قال في النمل:{إلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} .
وقال في القصص:{إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} .
فوسّع دائرة التبليغ في النمل كما ذكرنا، وذلك مناسب لجو التكريم في القصة، ومناسب لثقة موسى بنفسه التي أوضحتها القصة.
ولما وسّع دائرة التبليغ وسّع الآيات التي أعطيها، بخلاف ما ورد في القصص.
١٩- قال في النمل:{فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هاذا سِحْرٌ مُّبِينٌ} .
ومعنى ذلك أن موسى قبل المهمة ونفذها من دون ذكر لتردد أو مراجعة، وهو المناسب لمقام القوة والثقة والتكريم، في حين قال في القصص:{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} ، فذكر مراجعته لربه وخوفه على نفسه من القتل. وهو المناسب لجو الخوف في السورة ولجو التبسط والتفصيل في الكلام.