{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهو وَمِنَ التجارة والله خَيْرُ الرازقين} .
لِمَ قدمت التجارة على اللهو أولاً فقال:{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً} وأَخَّرها عنه بَعْدُ فقال: {خَيْرٌ مِّنَ اللهو وَمِنَ التجارة} ؟
والجواب والله أعلم أن سبب تقديم التجارة على اللهو في قوله:{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً} أنها كانت سبب الانفضاض ذلك أنه قدمت عِيرُ المدينة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، وكان من عُرْفِهِمْ أن يُدخَلَ بالطبلِ والدفوف والمعازف عند قدومها فانفضَّ الناسُ إليها ولم يبقَ في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً فأنزل الله قوله:{وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً} .
فقدمها لأنها كانت سبب الانفضاض وليس اللهو، وإنما كان اللهو والضرب بالدفوف بسببها فقدَّمها لذلك. ولهذا أفرد الضمير في (إليها) ولم يقل (إليهما) لأنهم في الحقيقة إنما انفضّوا إلى التجارة وكان قد مسّهم شيءٌ من غلاء الأسعار.
وأما تقديم اللهو عليها فيما بَعْدُ في قوله:{قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهو وَمِنَ
التجارة} فذلك لأن اللهو أعمُّ من التجارة، فليس كل الناس يشتغلون في التجارة ولكن أكثرهم يلهون. فالفقراء والأغنياء يلهون، فكان اللهو أعم فقدمه لذلك إذ كان حكماً عاماً فقدم التجارة في الحكم الخاص لأنها في حادثة معينة وقدم اللهو في الحكم العام لأنه أعم. ولأنها مناسبة لقوله: