أكبر دليل على أن إعادته ممكنة ليس في ذلك أدنى ريب، فلا يحتاج بعد هذه الأدلة إلى كبير توكيد.
جاء في (روح المعاني) : "ولم يؤكد سبحانه أمرَ البعث تأكيده لأمر الموت مع كثرة المترددين فيه والمنكرين له، اكتفاء بتقديم ما يغني عن كثرة التأكيد، ويشيد أركان الدعوى أتم تشييد من خَلْقِه تعالى الإنسانَ من سلالةٍ من طين، ثم نقله من طور إلى طور، حتى أنشأه خلقاً آخر يستغرق العجائب، ويستجمع الغرائب، فإن في ذلك أدل دليل على حكمته وعظيم قدرته عز وجل".
وجاء في (البحر المحيط) : "ولم تؤكد جملة البعث إلا بإنّ لأنه أبرز في سورة المقطوع به الذي لا يمكن فيه نزاع، ولا يقبل إنكاراً وأنه حَتْمٌ لا بد من كيانه، فلم يحتج إلى توكيد ثان".
٢- إن الإعادة أسهل من الابتداء في منطق العقل، فإن الذي يصنع كل يوم آلاف النماذج لهو أقدر على إعادتها إذا حطَّمها أو أتلفها، ولذا أكَّدَ الخلق الأول تأكيدين، وأكد البعث تأكيداً واحداً فقال:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} فأكَّده باللام وقد. وقال:{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القيامة تُبْعَثُونَ} فأكده بإنَّ وحدها، ذلك لأن الإعادة كما ذكرنا أهون من الابتداء في منطق العقل، وإن لم يكن على الله شيء أهون من شيء، قال تعالى:{وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}[الروم: ٢٧] . وبذا يكون هذا التعبير أنسب شيء وأحسنه وأعدله.