بها يفيد طلب التعجيل بالتوبة والإنفاق إذ كل ساعة تمر بالإنسان، تحتمل أن تكون هي ساعة الموت، وهي التي ذكرها بقوله:{مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} فانظر حُسْنَ التعبير ودقته.
٥- قدم المفعول به على الفاعل، فقال:{مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} ولم يقل: (يأتي الموت أحدكم) ذلك لأن المفعول به هو المهم ههنا، إذ هو المعنيُّ بالتوبةِ والصلاح، وهو المدعوّ للإنفاق وهو المُتحسِّرُ النادم إذا عاجله الموت.
فالعناية والاهتمام منصبان على المفعول الذي يأتيه الموت، وهو كل واحد منا.
٦- جاء بالفاء في قوله:{فَيَقُولُ رَبِّ} ولم يأت بثم أو الواو، ذلك لأن الفاء تفيد معنيي السبب والعطف، في حين أن ثم أو الواو لا تفيد السبب، بل تفيد العطف وحده.
ومن ناحية أخرى، إن الفاء تفيد التعقيب بلا مهلة في حين أن (ثم) تفيد التراخي، والواو تفيد مطلق الجمع.
فجاء بالفاء لجمع معنيي السبب والعطف، أي أن الموت سبب لهذا الندم وطلب التأخير لِمَا ينكشفُ له من سوء المنقلب والعياذ بالله.
ثم إن طلب التأخير يأتي رأساً بلا مهلة، ففي ساعة الموت وعند حضوره يطلب التأخير ليسلك سبيلَ الصالحين، ولو جاء بـ (ثم) لَمَا أفاد ذاك، بل يفيد أن طلب ذاك إنما يكون بعد مهلة وتراخٍ، وكذلك الواو لا تفيد ما أفادته الفاء.
٧- ثم انظر كيف ناسب المجيء بالفاء الدالة على قصر الوقت حذف حرف النداء، فقال:(ربّ) ولم يقل: (يا رب) لأن الوقت لم يعد يحتمل