فقلت له: المناسبة ظاهرة، وهي أن الله تعالى أقسم بيوم القيامة، وأقسم بالنفس اللوامة، ومن أبرزِ سِماتِ النفس اللوامة أن تعجل في الأمر، ثم تندم عليه، فتبدأ بلومِ نفسها على ما فعلت. وهو في الآيات التي ذَكَرْتَها ذَكَرَ النفسَ، فقال:{بَلِ الإنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} وذَكَرَ العجلةَ فقال: (لتعجلَ به) فالمناسبة ظاهرة.
ثم بدأتُ أقرأُ السورةَ متأملاً فيها فوجدت من دقائق الفن والتناسب والتناسق ما يدعو إلى العجب فآثرتُ أن أُدَوِّنَ شيئاً من هذه اللمسات الفنية.
لقد ذكر المفسرون مناسبة هذه السورة لما قبلها أعني سورة (المدّثّر) وارتباطها بها. فقد قالوا: إنه سبحانه قال في آخر سورة المدثر: {كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآخرة * كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ}[المدثر: ٥٣-٥٤] ، وفيها كثير من أحوال القيامة "فذكر هنا يوم القيامة وجُمَلاً من أحوالها" فكان بينهما مناسبة ظاهرة.
إن هذه السورةَ قطعةٌ فنية مترابطة متناسقة مُحْكَمةُ النَّسْجِ، وليس صواباً ما جاء في (الإتقان) أن "من الآيات ما أشكلت مناسبتها لما قبلها، من ذلك قوله تعالى في سورة القيامة:{لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} فإن وجه مناسبتها لأول السورة وآخرها عَسِرٌ جداً".
إنَّ ترابطَ آيات هذه السورة ترابط محكم وتناسبها فيما بينها لا يخفى على المتأمل.
لقد أقسم الله سبحانه بيوم القيامة، وأقسم بالنفس اللوامة على رأي الأكثرين، أو أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس باللوامة على رأي