ومن جعله عالماً بنجدي الخير والشر - وهما طريقاهما - أليس هو أولى وأحق بالعلم منه".
ثم انظر من ناحية أخرى إلى ارتباط قوله تعالى:{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ} بقوله: {أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ} وهو ارتباط العين بالرؤية، وارتباط قوله:{وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} بقوله: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً} فإن اللسان والشفتين، هما آلةُ النطق وبها يقول ما يقول: فهو يتقلب بنعم الله ويحاربه ويحارب أولياءه ورسله ويحارب دعوته.
{وَهَدَيْنَاهُ النجدين} .
النجد: هو الطريق العالي المرتفع.
جاء في (لسان العرب) : "النجد من الأرض قفافها وصلابها، وما غلظ منها وأشرف وارتفع واستوى.. ولا يكون النجد إلا قُفاً أو صلابة من الأرض في ارتفاع مثل الجبل معترضاً بين يديك يردُّ طرفك عما وراءه".
والمقصود بالنجدين: طريقا الخير والشر. وقيل: الثديان. والأول أشهر وهو الذي ذهب إليه عامة المفسرين. وعن أبي هريرة أنه عليه السلام قال: "إنما هما النجدان، نَجْدُ الخير ونجد الشر ولا يكون نجدُ الشر أحبّ إلى أحدكم من نجد الخير"