للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المطروحون على ظهر الطريق قعوداً على التراب لا بيوت لهم".

وجاء بـ (أو) ولم يأت بالواو ذلك أن الواو تفيد معنى الجمع ومعناه: لو أتى بالواو لا يقتحم العقبة إلا إذا فك الرقبة، وأطعم هذين الصنفين جميعاً فإن أطعم صنفاً واحداً لم يقتحم العقبة. وهو غيرُ مُرادٍ، بل المراد التنويع. والمقصود أن يطعم هذه الأصناف من الناس، اليتيم أو المسكين، على سبيل الاجتماع أو الانفراد.

وقد قدم فك الرقاب على إطعام اليتامى والمساكين إشارة إلى عظم الحرية في الإسلام وأن المطلوب أولاً تحريرُ الناس من العبودية والاسترقاق.

وانظر بعد ذلك ارتباط هؤلاء الأصناف بقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ} فهؤلاء من أشد الناس مكابدة ومعاناه. ثم انظر إلى ارتباط هؤلاء الأصناف بقوله: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً} فقد أهلكها هذا القائل في غير محلها، فلم يطعمْ جائعاً ولم يفكَّ رقبة.

ثم انظر إلى ارتباط هؤلاء الأصناف بالآية بعدها، وهو قوله: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} فإن فك الرقاب وإطعام المحتاجين من المرحمة. وهؤلاء الأصناف من الناس من المسترقّين والمساكين من أحوجِ الخَلْق إلى الصبر.

{ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بالصبر وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} .

إن {ثُمَّ} هنا لا تفيد التراخي في الوقت وإلا تأخر الإيمان عن العمل الصالح الذي ذكره من فك الرقاب وإطعام المحتاجين في حين أنه

<<  <   >  >>