للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا إضافة إلى التناسب اللفظي، فالعمل والوصف والجزاء كله (مفعلة) فالذين يطعمون في يوم ذي {مَسْغَبَةٍ} يتيماً ذا {مَقْرَبَةٍ} أو مسكيناً ذا {مَتْرَبَةٍ} ويتواصون بـ {بالمرحمة} أصحاب {الميمنة} . ومقابلهم من الكفار أصحاب {المشأمة} .

فاقتضى المقام هذا الاختيار من كل جهة.

وقد تقول: ولِمَ جاء في آية الكفار بضمير الفصل، فقال: {والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ المشأمة} ولم يأت به مع المؤمنين؟

والجواب: أن المذكورين من المؤمنين هم من أصحاب الميمنة، وليسوا أصحاب الميمنة على جهة القصر فهناك أصحاب ميمنة غيرهم فإنه لم يذكر مثلاً: الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أو الذين آمنوا وتواصوا بالحق، أو الذين آمنوا وتواصوا بالجهاد، أو الذين آمنوا وتواصوا بالدعوة إلى الله، فكلُّ هؤلاء من أصحاب الميمنة. بل ربما كان من أصحاب الميمنة من لم يتواص بصبر ولا مرحمة أصلاً من عامة المسلمين، وقد قال تعالى في سورة التين: {إِلاَّ الذينءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: ٦] ولم يذكر تواصياً بشيء.

أما الذين كفروا فهم أصحاب المشأمة حصراً، ولا يخرجهم منهم وصفٌ آخر أو عمل آخر إذا بقوا على كفرهم.

جاء في (روح المعاني) : إنه "جيء بضمير الفصل معهم لإفادة الحصر".

فكان ذكر ضمير الفصل في آية الكفار، وعدم ذكره في آية المؤمنين هو المناسب.

<<  <   >  >>