وأما العمل الصالح فقد دخل في قوله:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلى آخر السورة.
جاء في (تفسير الرازي) : "فقوله {الحمد للَّهِ} يدل على وجود الصانع، وعلى علمه وقدرته.. وعلى كونه مستحقاً للحمد والثناء والتعظيم.. وأما قوله:{رَبِّ العالمين} فهو يدل على أن ذلك الإله واحد، وأن كل العالمين مُلكه ومِلكه، وليس في العالم إله سواه ولا معبود غيره. أما قوله:{الرحمان الرحيم} فيدل على أن الإله الواحد الذي لا إله سواه، موصوف بكمال الرحمة والكرم والفضل والإحسان. وأما قوله:{مالك يَوْمِ الدين} فيدل على أن من لوازم حكمته ورحمته، أن يحصل بعد هذا اليوم، يومٌ آخر يظهر فيه تمييز المحسن عن المسيء، ويظهر فيه الانتصاف للمظلومين من الظالمين، ولو لم يحصل هذا البعث والحشر، لقدح ذلك في كونه رحماناً رحيماً.
وإذا عرفتَ هذا ظهر أن قوله:{الحمد للَّهِ} يدل على وجود الصانع المختار.
وقوله:{رَبِّ العالمين} يدل على وحدانيته.
وقوله:{الرحمان الرحيم} يدل على رحمته في الدنيا والآخرة.
وقوله:{مالك يَوْمِ الدين} يدل على كمال حكمته ورحمته بسبب خلق الدار الآخرة ...
أما الأعمال التي يأتي بها العبد فلها ركنان:
أحدهما: إتيانه بالعبادة وإليه الإشارة بقوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} .
والثاني: علمه بأنه لا يمكنه الإتيان بها، إلا بإعانةِ الله، وإليه الإشارة بقوله:{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ". فهذه السورة هي أم الكتاب حقاً.