فيها على هذا فيرفع. وينصب الفعل إذا كان أمراً عند الشيء يقع ليس بدائم، مثل قولك للرجل: إذا أخذت في عملك فجدّاً جدّاً وسيراً سيراً. نصبتَ لأنك لم تَنْوِ به العموم فيصير كالشيء الواجب على مَنْ أتاه وفعله ... وأما قوله:{فَضَرْبَ الرقاب}[محمد: ٤] فإنه حَثَّهم على القتل إذا لقوا العدو، ولم يكن الحث كالشيء الذي يجب بفعل قبله، فلذلك نصب، وهو بمنزلة قولك: إذا لقيتم العدو فتهليلاً وتكبيراً وصِدْقاً عند تلك الوقعة.. كأنه حثٌّ لهم".
وجاء في (شرح ابن يعيش) أن: "الفرق بين النصب والرفع، أنك إذا رفعتها فكأنك ابتدأت شيئاً قد ثبت عندك واستقر وفيها ذلك المعنى.. وإذا نصبت كنت ترجّاه في حال حديثك، وتعمل في إثباته".
٣- ذكر في سورة الذاريات، أنه جاءهم بعجل ووصف هذا العجل بأنه سمين وقَرَّبه إليهم ليأكلوه. وهذا مما يدل على تكريم ضيفه واحتفائه بهم، ولم يقل مثل ذلك في (الحجر) . وكلٌّ من الحالين المذكورين هو المناسب لموطنه وسياقه.
٤- ذكر في آيات (الذاريات) أنه أوجس منهم خيفة، ولم يواجه ضيفه بما أحسَّ في نفسه. في حين أنه واجههم بذاك في سورة الحجر، فقال مخاطباً إياهم:{إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} .
وواضح أن ما جاء في آيات الذاريات هو المناسب لمقام الإكرام، فليس مناسباً لجو التكريم أن يعلن لضيفه، أنه غير مطمئنٍّ إليهم، وأنه منهم وَجِلٌ.
وهكذا ترى أن كل تعبير هو المناسب للسياق الذي ورد فيه.