ويجوز أن يكون تحقير اباء مصدر ابيت اباء ولست اقول إن المصدر يحقر لكنه كأن انساناً سمي اباء كما يسمى مضاء ثم حقر ذلك الاسم لتحقير المسمى به فان قيل وهلا جاز تحقير المصدر نفسه قيل لم يجز ذلك لانتقاض المعنى به وذلك ان المصدر اسم لجنس فعله والجنس أبداً غاية الغايات ونهاية النهايات في معناه وما كانت هذه صورته في الشياع والانتشار فما ابعده من التحقير وهو الغاية في الكثرة والعموم ولذلك لم تثن عندنا المصادر ولم تكسر الا أن توقع على الأنواع المختلفة وامتناع المصادر من ذلك عندنا كامتناع الأفعال وقال لي مرة بعض أصحابنا من المتكلمين انما لم تجمع الأفعال من حيث كانت أعراضاً والجمع أيضاً ضرب من الأعراض والأعراض لا تحل الأعراض وهذا وان كان له هذا الظاهر من السلاطة والقوة فانه عندنا اعتبار فاسد لم تقصده العرب ولم تلحم به ولم تطر بجنباته ويدل على فساده انهم قد عطفوا الأفعال بعضها على بعض نحو قام زيد وقعد وهو يذهب وينطلق ولسنا نشك ان العطف جمع معنى وان لم يسم في العرف جمعاً ولو كان الغرض ما ذهب إليه هذا المتكلم لما جاز عطف بعض الأفعال على بعض من حيث كان العطف جمعاً في الحقيقة الا ترى إن هذا القائل بهذا خلع قناع اللفظ وأخلد إلى المعنى البتة وقد ترى ما أوجبه عليه مذهبه لما قدر عليه وصبر به إليه. وانما ذكرنا هذا الموضع ليرى ان لكل علم وقوم طريقاً ومذهباً متى خرج