اعلم أن للقلب بابين للعلوم: واحد للأحلام، والثاني لعالم اليقظة.
وهو الباب الظاهر إلى الخارج، فإن نام غلق باب الحواس، فيفتح له باب الباطن ويكشف له غيب من عالم الملكوت، ومن اللوح المحفوظ؛ فيكون مثل الضوء، وربما احتاج كشفه إلى شيء من تعبير الأحلام. وأما ما كان من الظاهر، فيظن الناس. أن به اليقظة، وأن اليقظة أولى بالمعرفة، مع أنه لا يبصر في اليقظة شيء من عالم الغيب، وما يبصر بين النوم واليقظة أولى بالمعرفة مما يبصر من طريق الحواس.
[فصل القلب مثل المرآة]
وتحتاج أن تعرف في ضمن ذلك أن القلب مثل المرآة، واللوح المحفوظ مثل المرآة أيضا؛ لأن فيه صورة كل موجود، وإذا قابلت المرآة بمرآة أخرى حلت صور ما في إحداهما في الأخرى، وكذلك تظهر صور ما في اللوح المحفوظ إلى القلب إذا كان فارغا من شهوات الدنيا، فإن كان مشغولا بها كان عالم الملكوت محجوبا عنه، وإن كان في حال النوم فارغا من علائق الحواس طالع جواهر عالم الملكوت؛ فظهر فيه بعض الصور التي في اللوح المحفوظ.
وإذا أغلق باب الحواس كان بعده الخيال؛ لذلك يكون الذي يبصره تحت ستر القشر، وليس كالحق الصريح مكشوفا فإذا مات - أي القلب - بموت صاحبه لم يبق خيال ولا حواس. وفي ذلك الوقت يبصر بغير وهم وغير خيال، ويقال له:(فَكَشَفنا عَنكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ اليَومَ حَديد) .