١٠١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ⦗٤٣٨⦘ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُورٍ، أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، نا يُوسُفُ بْنُ بِلَالٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: ١٤] وَهُمْ مُنَافِقُو أَهْلِ الْكِتَابِ، فَذَكَرَهُمْ، وَذَكَرَ اسْتِهْزَاءَهُمْ {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} [البقرة: ١٤] عَلَى دِينِكُمْ {إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥] فِي الْآخِرَةِ يُفْتَحُ لَهُمْ بَابٌ فِي جَهَنَّمَ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: تَعَالَوْا، فَيُقْبِلُونَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ وَهِيَ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى الْبَابِ سُدَّ عَنْهُمْ فَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥] فِي الْآخِرَةِ وَيَضْحَكُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ حِينَ غُلِّقَتْ دُونَهُمُ الْأَبْوَابُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} [المطففين: ٣٥] عَلَى السُّرُرِ فِي الْحِجَالِ يَنْظُرُونَ إِلَى أَهْلِ النَّارِ {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المطففين: ٣٦] . وَرُوِّينَا فِي مَعْنَى هَذَا مُخْتَصَرًا عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، وَبَلَغَنِي عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَضْلِ الْبَجَلِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَظْهَرَ اللَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَحْكَامِهِ الَّتِي لَهُ عِنْدَهُمْ خِلَافَهَا فِي الْآخِرَةِ، كَمَا أَظْهَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافَ مَا أَضْمَرُوا مِنَ الْكُفْرِ، فَسَمَّى ذَلِكَ اسْتِهْزَءًا بِهِمْ. وَعَنْ قُطْرُبٍ قَالَ" {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٥] أَيْ: يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ ⦗٤٣٩⦘ الِاسْتِهْزَاءِ، وَكَذَلِكَ {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩] ، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤] ، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةَ} [الشورى: ٤٠] هِيَ مِنَ الْمُبْتَدِي سَيِّئَةٌ وَمِنَ اللَّهِ جَزَاءٌ، وَهُوَ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى الْفِعْلِ بِمِثْلِ لَفْظِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] ؛ فَالْعُدْوَانُ الْأَوَّلُ ظُلْمٌ، وَالثَّانِي جَزَاءٌ، وَالْجَزَاءُ لَا يَكُونُ ظُلْمًا؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧] قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
[البحر الوافر]
أَلَا لَا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فَنَجْهَلْ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا"
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: فَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا مَعْنَى فَنُعَاقِبُهُ بِأَغْلَظِ عُقُوبَةٍ، فَسَمَّى ذَلِكَ جَهْلًا، وَالْجَهْلُ لَا يَفْتَخِرُ بِهِ ذُو عَقْلٍ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِيَزْدَوِجَ اللَّفْظَانِ فَيَكُونَ ذَلِكَ أَخَفَّ عَلَى اللِّسَانِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute