للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠١٩ - قَالَ الشَّيْخُ: مِثْلُهُ مِنَ الْحَدِيثِ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، نا أحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبَرْتِيُّ، نا أبُو نُعَيْمٍ، نا سفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَلَمْ أَسْمَعْ ⦗٤٤٠⦘ أحَدًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمِّعِ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: يَقُولُ: مَنْ عَمِلَ عَمَلًا عَلَى غَيْرِ إِخْلَاصٍ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَيَسْمَعُونَهُ، جُوزِيَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَشْهَدَهُ اللَّهُ وَيَفْضَحَهُ، فَشَهِدُوا عَلَيْهِ مَا كَانَ يُبْطِنُهُ وَيُسِّرُهُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: «وَالْخِدَاعُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ وَيُعَجِّلَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالنِّعَمِ مَا يَدَّخِرُونَهُ، وَيُؤَخِّرَ عَنْهُمْ عَذَابَهُ وَعِقَابَهُ، إِذْ كَانُوا يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ، وَيُضْمِرُونَ خِلَافَ مَا يُظْهِرُونَ، فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُظْهِرُ لَهُمْ مِنَ الْإِحْسَانِ فِي الدُّنْيَا خِلَافَ مَا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَيَجْتَمِعُ الْفِعْلَانِ تَسَاوِيهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ»

١٠٢٠ - قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: " وَالْخَدْعُ معْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْفَسَادُ، أَخْبَرَنَا الْأَنْبَارِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ النَّحْوِيِّ، عَنِ ابنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: الْخَادِعُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْفَاسِدُ مِنَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَأَنْشَدَ:

[البحر الرمل]

أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُهُ ... طَيِّبُ الرِّيقِ إِذَا الرِّيقُ خَدَعْ

⦗٤٤١⦘ مَعْنَاهُ: فَسَدَ، تأويلُ قَوْلِهِ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] أَيْ يُفْسِدُونَ مَا يُظْهِرُونَ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَا يُضْمِرُونَ مِنَ الْكُفْرِ، وَهُوَ خَادِعُهُمْ، أَيْ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ نِعَمَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَا يُصَيِّرُهُمْ إِلَيْهِ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ اسْتِدْرَاجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ، وَقَدْ يُوصَفُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْمَكْرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُوصَفُ بِالِاحْتِيَالِ، لِأَنَّ الْمُحْتَالَ هُوَ الَّذِي يُقَلِّبُ الْفِكْرَةَ حَتَّى يَهْتَدِيَ بِتَقْلِيبِ الْفِكْرَةِ إِلَى وَجْهِ مَا أَرَادَ، وَالْمَاكِرُ الَّذِي يَسْتَدْرِجُ فَيَأْخُذُ مِنْ وَجْهِ غَفْلَةِ الْمُسْتَدْرَجِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>