الوجه الثالث: أن يقال: لا ريب أن أهل البدع يحجون إلى قبور الأنبياء والصالحين، ويزورونها غير الزيارة الشرعية، لا يقصدون الدعاء لهم كالصلاة على جنائزهم، بل الزيارة عندهم والسفر لذلك من باب تعظيمهم لعظم جاههم وقدرهم عند الله، ومقصودهم دعاؤهم أو الدعاء بهم أو عندهم وطلب الحوائج منهم وغير ذلك مما يقصد بعبادة الله تعالى، ولهذا يقولون: إن من نهى عن ذلك فقد تنقص بهم، فهذا القول مبني على ذلك الاعتقاد والقصد والظن، والنصارى يحجون إلى الكنائس لأجل ما فيها من التماثيل ولأجل من بنيت لأجله، كما يحجون إلى موضع قبر المسيح عندهم، الكنيسة التي يقال إنها بنيت على قبره موضع الصلب بزعمهم. وهم / يبنون الكنائس على من يعظمونه مثل جرجس وغيره فيتخذون المعابد على القبور، وهم ممن لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك تحذيرًا لأمته وقال لأمته:(إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) رواه مسلم، والكنيسة التي بنيت موضع ولادته المسماة ببيت لحم، وكنائس أخر التي يسمونها القمامة.