القسم الأول. ووجود مثل ذلك من رجل لم يقرأ [ولم يكتب] ولم يدارس ولا لُقّن مقتضى العجب ومنتهى العبر ومعجزة البشر. وليس في ذلك نقيصة إذ المطلوب من [القراءة والكتابة] المعرفة، وإنما هي آلة لها وواسطة موصلة إليها غير مرادة في نفسها، فإذا حصلت الثمرة والمطلوب استغنى عن / الواسطة والسبب؛ والأمية في غيره نقيصة لأنها سبب الجهالة وعنوان الغباوة.
فسبحان من باين أمره من أمر غيره وجعل شرفه فيما فيه محطة سواه، وحياته فيما فيه هلاك من عداه. هذا شق قلبه وإخراج حشوته كان تمام حياته وغاية قوة نفسه وثبات روعه، وهو فيمن سواه منتهى هلاكه وحتم موته وفنائه وهلمّ جرّا إلى سائر ما روي في أخباره صلى الله عليه وسلم وسيره. وتقلله من الدنيا ومن الملبس والمطعم والمركب وتواضعه ومهنته نفسه في أموره وخدمة بيته زهدًا ورغبة عن الدنيا وتسوية بين حقيرها وخطيرها لسرعة فناء أمورها وتقلب أحوالها، كل هذا من فضائله صلى الله عليه وسلم ومآثره وشرفه كما ذكرناه.