فمن أورد شيئًا من ذلك موارده وقصد به مقصده كان حسنًا، ومن أورد ذلك على غير وجهه وعلم منه بذلك سوء قصده لحق بالفصول التي [قدمناها].
هذا كلام القاضي عياض رحمه الله، يفرق فيما يظن أن فيه غضاضة ونقصًا وعيبًا وليس هو في نفس الأمر كذلك، وبين من يذكره على وجهه لبيان العلم والدين ومعرفة حقائق الأمور، وبين من يقصد به العيب والإزراء وإن كان لا عيب في ذلك بل هو من الفضائل والمناقب، وهكذا سائر ما فيه هذا.
وحينئذ فأعظم أحوال الناس مع الأنبياء وأفضلها وأكملها هو حال الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لا سيما أبو بكر وعمر، وهو تصديقه في كل ما يخبر به من الغيب، وطاعته وامتثال أمره في كل ما يوجبه ويأمر به، وأن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وأهله وماله، وأن يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما سواهما، وأن يتحرى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيعبد الله بما شرعه وسنه من واجب ومستحب، لا يعبده بعبادة نهى عنها وببدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وإن ظن أن في ذلك تعظيمًا للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا لقدره كما ظنه النصارى في المسيح، وكما ظنوه في اتخاذ أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، وكما ظن الذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابًا، فإن الأمر بالعكس بل كل عبد صالح من الملائكة والأنبياء فإنما يحب ما أحبه الله من عبادته وحده وإخلاص / الدين له ويوالي من كان كذلك ويعادي من أشرك، ولو كان المشرك معظمًا له غاليًا فيه فإن هذا يضره ولا ينفعه لا عند الله