قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ولهذا لم يصل أحد على قبره ولا شرع الصلاة على قبره عند أحد من العلماء، بل أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد أنه يصلى على قبور المؤمنين دائمًا، وأما هو فلا يصلى على قبره بالإجماع، لأن المقصود بالصلاة على القبور وزيارتها هو الدعاء، والرسول قد أمرنا بالصلاة والسلام عليه وطلب الوسيلة له وغير ذلك في جميع المواضع، وهذا أعظم مما يفعل عند قبر غيره.
وأمر الناس أن تكون محبته وتعظيمه وما يقوم بقلوبهم معهم أينما كانوا، فلا ينقص ما يستحقه من المحبة والتعظيم والصلاة والتسليم إذا كانوا في سائر المواضع عما يفعل في بيته وعند قبره من ذلك ولهذا نهى عن اتخاذ بيته عيدًا وفي لفظ قبره، فلا يخص بيته وقبره بشيء من ذلك، فيكون في سائر البقاع ناقصًا عما يكون عند القبر فإن ذلك يتضمن نقص حقه وبخسه إياه، وهذا من تنقيص حقه المنهي عنه، والجهال يظنون أن النهي عنه تنقيص لحقه ولا يعلمون أن هذا أعظم لقدره ولحقه من وجوه متعددة.
وأيضًا فهذا فيه مفسدة اتخاذ قبره عيدًا ووثنًا ومسجدًا فنهى صلى الله عليه وسلم عنه لما فيه من المفسدة وعدم المصلحة، فهو صلى الله عليه وسلم له خاصة في علو قدره وحقه لا يشركه فيها غيره: الزيارة التي شرعها لعموم المؤمنين.