وهؤلاء الضلال لهم نصيب من الشرك بالله ونصيب من قول الزور {ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانًا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير} [سورة الحج: (٧١)].
وهذا المعترض لم يفهم ما قاله المجيب، بل كذب عليه كذبًا يعلم جميع الناس أنه كذب، ولم يعرف ما قاله العلماء لا مالك ولا غيره، ونفس الذي أنكره على المجيب صرح به مالك تصريحًا لم يصرح مثله المجيب، فإن المجيب لم يذكر أن السفر إلى مسجده وزيارته على الوجه المشروع معصية، ولا ذكر أن ما يريده العلماء بالسفر إلى قبره -وهو السفر إلى مسجده- معصية. بل قد صرح بأنه سفر طاعة مستحب، وكذلك ذكر ما ذكره العلماء من استحباب زيارته والدعاء وما يتعلق بذلك. وذكر لفظًا / عامًّا فيمن سافر لمجرد قبور الأنبياء والصالحين، وحكى قولين معروفين عند أهل العلم وهما قولان معروفان عند أصحاب الشافعي وأحمد. ومالك وأصحابه أظهر قولاً بتحريم السفر إلى زيارة القبور، وقد صرح مالك بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم هو مما نهي عن شد الرحال إليه، وأن من نذر ذلك لا يجوز أن يوفي بنذره، بل مذهبه المعروف عنه في عامة كتب أصحابه أولهم وآخرهم، في الكتب الصغار والكبار، أن السفر إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى بيت المقدس لغير الصلاة في المسجدين منهي عنه، وإن نذره ناذر لم يكن له أن يفعله