٧٠ - حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ أَبِي حَرْبٍ الصَّفَّارُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَقَالَ: ابْعَثْ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ مَنْ يَأْتِينِي بِهِ تَعِبًا، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ، فَأَمْسَكْتُ عَنْهُ رَجَاءَ أَنْ يَنْسَاهُ، فَأَغْلَظَ لِي فِي الثَّانِيَةِ، فَقُلْتُ: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِالْبَابِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُ، فَأَذِنْتُ لَهُ، فَدَخَلَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَالَ: لَا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، تُلْحِدُ فِي سُلْطَانِي، وَتَبْغِينِي الْغَوَائِلَ فِي مُلْكِي، قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ، قَالَ جَعْفَرٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ سُلَيْمَانَ أُعْطِي فَشَكَرَ، وَإِنَّ أَيُّوبَ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ، وَإِنَّ يُوسُفَ ظُلِمَ فَغَفَرَ، وَأَنْتَ أَسْمَحُ مِنْ ذَلِكَ. فَنَكَّسَ طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: إِلَيَّ وَعِنْدِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، الْبَرِيءَ السَّاحَةِ، وَالسَّلِيمَ النَّاحِيَةِ، الْقَلِيلَ الْغَائِلَةِ، جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ أَفْضَلَ مَا يَجْزِي ذَوِي الْأَرْحَامِ عَنْ أَرْحَامِهِمْ، ثُمَّ تَنَاوَلَ بِيَدِهِ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى مَفْرَشِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ، عَلَيَّ بِالْمَنْفَحَة ⦗٧٠⦘ ِ وَالْمَنْفَحَةُ: مُدْهُنٌ كَبِيرٌ فِيهِ غَالِيَةٌ فَأُتِيَ بِهِ، فَغَلَّفَهُ بِيَدِهِ حَتَّى خِلْتُ لِحْيَتَهُ قَاطِرَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ: فِي حِفْظِ اللَّهِ وَكَلَاءَتِهِ يَا رَبِيعُ، الْحَقْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ جَائِزَتَهُ وَكِسْوَتَهُ، فَانْصَرَفَ، فَلَحِقْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ قَبْلَ ذَلِكَ مَا لَمْ تَرَ، وَرَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَدْ رَأَيْتُ، رَأَيْتُكَ تُحَرِّكُ شَفَتَيْكَ، فَمَا الَّذِي قُلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّكَ رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَلَكَ مَحَبَّةٌ وَوُدٌّ، قُلْتُ: اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرِكُنْكِ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَاغْفِرْ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، وَلَا أَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَائِي، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بِهَا قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا صَبْرَى، فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعَمِهِ شُكْرِي فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرِي فَلَمْ يَخْذُلْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْخَطَايَا فَلَمْ يَفْضَحْنِي، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَنْقَضِي أَبَدًا، وَيَا ذَا النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى أَبَدًا، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَايَ، وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَايَ، وَاحْفَظْنِي فِيمَا غِبْتُ عَنْهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيمَا حَضَرَتُهُ، يَا مَنْ لَا تَضُرُّهُ الذُّنُوبُ وَلَا تَنْقُصُهُ الْمَغْفِرَةُ، اغْفِرْ لِي مَالَا يَضُرُّكَ، وَأَعْطِنِي مَالَا يَنْقُصُكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبَرَا جَمِيلًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَالْعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْبَلَاءِ، وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute