للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّسُولُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: " كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سيهدين " وَكَانَ فِي السَّاقَةِ، فَتَقَدَّمَ إِلَى الْمُقَدِّمَةِ، وَنَظَرَ إِلَى الْبَحْرِ وَهُوَ يَتَلَاطَمُ بِأَمْوَاجِهِ، وَيَتَزَايَدُ زَبَدُ أجاجه، وَهُوَ يَقُول: هَا هُنَا أمرت.

وَمَعَهُ أَخُوهُ هرون، ويوشع ابْن نُونٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٌ مِنْ سَادَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعُلَمَائِهِمْ وَعُبَّادِهِمُ الْكِبَارِ، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَجعله نَبيا بعد مُوسَى وهرون عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ الله، وَمَعَهُمْ [أَيْضًا (١) ] مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، وَهُمْ وُقُوفٌ، وَبَنُو إِسْرَائِيلَ بِكَمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ عُكُوفٌ.

وَيُقَالُ إِنَّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ جَعَلَ يَقْتَحِمُ بِفَرَسِهِ مِرَارًا فِي الْبَحْرِ، هَلْ يُمْكِنُ سُلُوكُهُ؟ فَلَا يُمْكِنُ، وَيَقُولُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَاهُنَا أُمِرْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ.

فَلَمَّا تَفَاقَمَ الْأَمْرُ وَضَاقَ الْحَالُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ، وَاقْتَرَبَ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ فِي جِدِّهِمْ وَحَدِّهِمْ وَحَدِيدِهِمْ، وَغَضَبِهِمْ وَحَنَقِهِمْ، وَزَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر، عِنْد ذَلِكَ أَوْحَى الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ، رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، إِلَى مُوسَى الْكَلِيمِ: " أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْر ".

فَلَمَّا

ضَرَبَهُ، يُقَالُ إِنَّهُ قَالَ لَهُ: انْفَلِقْ بِإِذْنِ اللَّهِ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَنَّاهُ بِأَبِي خَالِدٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كل فرق كالطود الْعَظِيم ".

وَيُقَال إِنَّه انْفَلق اثنى عشر طَرِيقًا، لِكُلِّ سِبْطٍ طَرِيقٌ يَسِيرُونَ فِيهِ، حَتَّى قيل إِنَّه صَار فِيهِ أَيْضا


(١) لَيست فِي ا.
(*) (٦ - قصَص الانبياء ٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>