إِرْبًا، قَالَ لَهَا وَأَيْنَ أُؤْوِيكِ؟ قَالَتْ: فِي جَوْفِكَ إِنْ أَرَدْتَ الْمَعْرُوفَ، قَالَ: وَمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَالَ لَهَا: فَهُنَاكَ جَوْفِي، فَصَيَّرَهَا فِي جَوْفِهِ، فَإِذَا هُوَ بِفَتًى قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ صَمْصَامَةٌ لَهُ قَدْ وَضَعَهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، الْحَيَّةُ الَّتِي أَطَلَّتْ بِكَفَنِكَ وَأَنَاخَتْ بِفِنَائِكَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، قَالَ: عَظُمَتْ كَلِمَةٌ خَرَجَتْ مِنْ فِيكَ، قَالَ: مَا جَاءَ مِنْكَ أَعْظَمُ! تَرَانِي أَقُولُ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، وَتَقُولُ لِي مِثْلَ هَذَا، فَوَلَّى الْفَتَى مُدْبِرًا، فَلَمَّا تَوَارَى، قَالَتِ الْحَيَّةُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، انْظُرْ هَلْ يَرَاهُ بَصَرُكَ؟ قَالَ: مَا أَرَى شَيْئًا، قَالَتِ: اخْتَرْ مِنِّي إِحْدَى مَنْزِلَتَيْنِ، إِمَّا أَنْ أَنْكُتَ قَلْبَكَ نَكْتَةً، فَأَجْعَلَهُ رَمِيمًا، أَوْ أَرُثَّ كَبِدَكَ رَثًّا فَأُخْرِجُهُ مِنْ أَسْفَلِكَ قِطَعًا، قَالَ لَهَا وَاللَّهِ مَا كَافَيْتِنِي، يَرْحَمُكِ اللَّهِ، قَالَتْ لَهُ: فَمَا اصْطِنَاعُكَ لِلْمَعْرُوفِ إِلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ مَا هُوَ، لَوْلَا جَهْلُكَ، وَقَدْ عَرَفْتَ الْعَدَاوَةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِيكَ، قِيلَ: وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَالٌ أُعْطِيكَهُ، وَلَا دَابَّةٌ أَحْمِلُكَ عَلَيْهَا، قَالَ: أَرَدْتُ الْمَعْرُوفَ، قَالَ: وَالْتَفَتَ فَإِذَا بِفَيْءِ جَبَلٍ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ لَابُدَّ فَفِي فَيْءِ هَذَا الْجَبَلِ، ثُمَّ نَزَلَ يَمْشِي، فَإِذَا هُوَ فِي فَيْءِ الْجَبَلِ بِفَتًى قَاعِدٍ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: يَا شَيْخُ، مَالِي أَرَاكَ مُسْتَبْسِلًا لِلْمَوْتِ آيِسًا مِنَ الْحَيَاةِ، فَقَالَ: مِنْ عَدُوٍّ فِي جَوْفِي أَوَيْتُهُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: أَتَاكَ الْغَوْثُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى رُدْنِهِ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ شَيْئًا، فَأَطْعَمَهُ إِيَّاهُ، فَاخْتَلَجَتْ وَجْنَتَاهُ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ ثَانِيَةً، فَوَجَدَ تَمَخُّضًا فِي بَطْنِهِ، ثُمَّ أَطْعَمَهُ الثَّالِثَةَ، فَرَمَى بِالْحَيَّةِ مِنْ أَسْفَلِهِ قِطَعًا، فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ فَمَا أَحَدٌ أَعْظَمُ عَلَيَّ مِنَّةً مِنْكَ، قَالَ: أَمَا تَعْرِفُنِي! أَنَا الْمَعْرُوفُ، إِنَّهُ اضْطَرَبَتْ مَلَائِكَةُ سَمَاءٍ سَمَاءٍ مِنْ خِذْلَانِ الْحَيَّةُ إِيَّاكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ: أَنْ يَا مَعْرُوفُ، أَغِثْ عَبْدِي، وَقُلْ لَهُ: أَرَدْتَ شَيْئًا لِوَجْهِي، فَأَتَيْتُكَ ثَوَابَ الصَّالِحِينَ، وَأَعْقَبْتُكَ عُقْبَى الْمُحْسِنِينَ، وَنَجَّيْتُكَ مِنْ عَدُوِّكَ "
- ٤٥١ أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَنْبَأَ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرِيُّ، قثنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا، قثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute