الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحُصَيْبِ قَبْلَ وَزَارَتِهِ، قال: " كُنْتُ كَاتِبًا لِلسِّيَّدَةِ شُجَاعٍ أُمِّ الْمُتَوَكِّلِ، فَإِنِّي ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدًا فِي مَجْلِسِي فِي دِيوَانِي، إِذْ خَرَجَ إِلَيَّ خَادِمٌ وَمَعَهُ كِيسٌ، فَنَادَانِي: يَا أَبَا حَمْدَانَ، السَّيِّدَةُ أُمُّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ لَكَ: هَذِهِ أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ طَيِّبِ مَالِي، خُذْهَا وَادْفَعْهَا إِلَى قَوْمٍ مُسْتَحِقِّينَ تَكْتُبُ لِي أَسْمَاءَهُمْ، وَأَنْسَابَهُمْ، وَمَنَازِلَهُمْ، فَكُلَّمَا جَاءَنَا مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ شَيْءٌ صَرَفْنَاهُ إِلَيْهِمْ، فَأَخَذْتُ الْكِيسَ وَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي وَوُجِّهْتُ خَلْفَ مَنْ أَثِقُ بِهِ، فَعَرَّفْتُهُمْ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ، وَسَأَلْتُهُمْ أَنْ يُسَمُّوا لِي مَنْ يَعْرِفُونَ مِنْ أَهْلِ السِّتْرِ وَالْحَاجَةِ، فَأَسْمَوْا لِي جَمَاعَةً، فَفَرَّقْتُ فِيهِمْ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَجَاءَ اللَّيْلُ، وَبَقِيَّةُ الْمَالِ بَيْنَ يَدَيَّ لَا أُصِيبُ مُسْتَحِقًّا، وَغُلِّقَتِ الدُّرُوبُ وَأَنَا مُفَكِّرٌ فِي الدَّنَانِيرِ، إِذْ سَمِعْتُ بَابَ الدَّرْبِ يَدُقُّ، وَقِيلَ لِي: بِالْبَابِ فُلَانٌ الْعَلَوِيُّ، فَقُلْتُ: يَدْخُلُ، فَلَمَّا دَخَلَ سَلَّمَ، وَقَالَ: طَرَقَنِي فِي هَذَا الْوَقْتِ طَارِقٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ اتِّصَالٌ، وَلَا وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا وَلَا أَعْدَدْنَا مَا يَعُدُّ النَّاسُ، فَدَفَعْنَا إِلَيْهِ دِينَارًا، فَشَكَرَ وَانْصَرَفَ، وَخَرَجَتْ رَبَّةُ الْمَنْزِلِ، وَقَالَتْ: تَدْفَعُ إِلَيْكَ السَّيِّدَةُ أَلْفَ دِينَارٍ لِتْدَفْعَهَا إِلَى مُسْتَحِقٍّ، فَتَرَى مَنْ أَحَقُّ مِنَ ابْنِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا شَكَاهُ إِلَيْكَ، ادْفَعِ الْكِيسَ إِلَيْهِ، فَرَدَدْتُهُ، فَدَفَعْتُ الْكِيسَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَلَّى، جَاءَ إِبْلِيسُ، فَقَالَ الْمُتَوَكِّلُ: وَانْحِرَافُهُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ تَحْتَجُّ، فَقُلْتُ لِرَبَّةِ الْمَنْزِلِ: أَوْقَعْتِنِي فِيمَا أَكْرَهُ، فَقَالَتْ: نَتَّكِلُ عَلَى جَدِّهِمْ، فَقُمْتُ إِلَى فِرَاشِي، فَمَا اسْتَثْقَلْتُ نَوْمًا، فَإِذَا رَسُولُ السَّيِّدَةِ، فَرَكِبْتُ فَلَمْ أَصِلْ إِلَّا وَأَنَا فِي مَوْكِبٍ مِنَ الرُّسُلِ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَأَخَذَ بِيَدِي خَادِمٌ، وَقَالَ لِي: يَا أَحْمَدُ، إِنَّكَ تُكَلِّمُ السَّيِّدَةَ أُمَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَدْخَلَنِي دَارًا، فَوَقَّفَنِي عَلَى بَابٍ، فَصَاحَ بِي صَائِحٌ: يَا أَحْمَدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، فَقَالَتْ: حِسَابُ أَلْفِ دِينَارٍ بَلْ حِسَابُ سَبْعِ مِائَةِ دِينَارٍ، وَبَكَتْ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: خَرَجَ الْعَلَوِيُّ، وَتَحَدَّثَ، وَقَدْ أُمِرَ بِقَتْلِي، وَهَذِهِ تَبْكِي رَحْمَةً لِي، ثُمَّ عَادَتْ، فَقَالَتْ: يَا أَحْمَدُ، حِسَابُ أَلْفِ دِينَارٍ، بَلْ حِسَابُ سَبْعِ مِائَةٍ، ثُمَّ بَكَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَمْسَكَتْ وَسَأَلَتْنِي عَنِ الْحِسَابِ، فَصَدَقْتُهَا، فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى ذِكْرِ الْعَلَوِيِّ، بَكَتْ، وَقَالَتْ: يَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute