وأما ما صلى فيه صلوات التشريع، فالصلاة فيه مشروعة، كمسجده صلى الله عليه وسلم، والكعبة، ومسجد قباء، والموضع الذي صلى فيه في بيت عتبان كما طلب منه ذلك ليتخذه مصلى فأجابه صلى الله عليه وسلم إلى ذلك. وهكذا التبرك بشعره صلى الله عليه وسلم، وريقه، وعرقه، وما ماس جسده، فكله لا بأس به؛ لأن السنة قد صحت بذلك، وقد قسم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بين الناس شعر رأسه، لما قد جعل الله فيه من البركة، وليس هذا من الغلو الممنوع، وإنما الغلو الممنوع هو أن يعتقد فيه صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز، أو يصرف له شيئا من العبادة. وأما التبرك بغيره صلى الله عليه وسلم فالصحيح منعه لأمرين: أحدها: أن غيره لا يقاس به، لما جعل الله فيه من الخير والبركة، بخلاف غيره، فلا يتحقق فيه ذلك. الأمر الثاني: أن ذلك ربما يوقع في الغلو وأنواع الشرك، فوجب سد الذرائع بالمنع من ذلك، وإنما جاز في حق النبي لمجيء النص به. وهناك أمر ثالث أيضا: وهو أن الصحابة لم يفعلوا مثل ذلك مع غير النبي صلى الله عليه وسلم، لا مع الصديق ولا مع عمر ولا مع غيرهما، ولو كان ذلك سائغًا أو قربة لسبقونا إليه، ولم يجمعوا على تركه، فلما تركوه علم أن الحق ترك ذلك وعدم إلحاق غير النبي به في ذلك.