ويسلس مأخذه، ويسلم وجهه ومنفذه، ويكون قريب المتناول، غير عويص اللفظ، ولا غامض المعنى.
كما [قد](١) يختار (٢) قوم ما يغمض معناه، ويغرب لفظه، ولا يختار ما سهل على اللسان، وسبق إلى البيان.
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصف زهيراً، فقال: كان لا يمدح الرجل إلا بما فيه (٣) .
وقال لعبد بني الحسحاس حين أنشده: / * كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا (٤) *: أما إنه لو قلت مثل هذا لأجزتك عليه (٥) .
وروي أن جريراً سئل عن أحسن الشعر؟ فقال: قوله:
إن الشقي الذي في النار منزله * والفوز فوز الذي ينجو من النار (٦) كأنه فضله لصدق معناه.
ومنهم من يختار الغلو في قول الشعر والإفراط فيه (٧) ، حتى ربما قالوا: أحسن الشعر أكذبه، كقول النابغة: يَقُدُّ السلوقِيَّ المضاعفَ نسجُه * ويوقدن بالصفّاحِ نارَ الحباحبِ (٨) وأكثرهم على مدح المتوسط بين المذهبين: في الغلو (٩) والاقتصاد، وفي المتانة والسلاسة.
(١) الزيادة من م (٢) س " ويختار " (٣) راجع الاغانى ٩ / ١٤٧ والشعر والشعراء ١ / ٨٧ (٤) صدره في ديوان سحيم ص ١٦ * عميرة ودع إن تجهزت غاديا * (٥) في الاغانى ٢٠ / ٣ " لو قلت شعرك كله ... " وفى البيان والتبيين ١ / ٧٢ " لو قدمت الاسلام على الشيب لاجزتك " (٦) من أبيات جميلة أنشدها ابن الاعرابي، كما في أمالى المرتضى ١ / ٤٥ - ٤٦ وقبله: ما شقوة المرء بالاقتار يقتره * ولا سعادته يوما بإكثار (٧) سقطت كلمة " فيه " من م (٨) ديوانه ص ٤٤ والعمدة ٢ / ٥٩، ٢٨٥ (٩) س " في اللغو " (*)