كتابة إلى علي حين حصر - رضي الله عنهما أما بعد، فقد بلغ السيل الزبى، وجاوز الحزام الطبيين، وطمع فيَّ من لا يدفع عن نفسه.
فإذا أتاك كتابي هذا: فأقبل إلى، على كنت أم لى.
/ فإن كنت مأكولا: فكن خيرآكل * وإلا فأدركني ولمّا أُمزَّقِ (٢) * * * ومن كلام علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: لما قبض أبو بكر رضي الله عنه ارتجت المدينة بالبكاء، كيوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء عليّ باكياً مسترجعاً (٣) ، وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر،
فقال: رحمك (٤) الله أبا بكر، كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنسه، وثقته وموضع سره، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأخوفهم لله، وأعظمهم غناء في دين الله، وأحوطهم على رسول الله (٥) ، وأثبتهم (٦) على الاسلام، وأيمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب، وأفضلهم سوابق، / وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسول الله (٧) صلى الله عليه وسلم سنناً (٨) وهدياً، ورحمة وفضلاً، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، وأوثقهم عنده.
(١) قال المبرد ١ / ١٢ " الزبية: مصيدة الاسد، ولا تتخذ إلا في قلة أو رابية أو هضبة ... وقوله: وبلغ الحزام الطبيين، فإن السباع والخيل يقال لموضع الاخلاف منها: أطباء، واحدها طبى ... فإذا بلغ الحزام الطبيين فقد انتهى في المكروه " (٢) البيت للمزق العبدى من قصيدة يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر، كما في اللسان ١٣ / ٢١ وطبقات فحول الشعراء ص ٢٣٢ والشعر والشعراء ١ / ٣٦٠ وبقية القصيدة في الاصمعيات ص ٤٧ (٣) م: " متوجعا " (٤) م: " يرحمك " (٥) س، ك: " على رسوله " (٦) ك: " وأيمنهم " (٧) س، ك: " وأقربهم برسول الله " (٨) م: " سمتا " (*)