صلى الله عليه وسلم قال للذين جاءوه وكلموه في شأن الجنين: كيف ندى من لا شرب ولا أكل، ولا صاح فاستهل، أليس دمه قد يطل؟ فقال:" اسجاعة كسجاعة الجاهلية؟ " وفي بعضها: " أسجعاً كسجع الكهان؟ " فرأى ذلك مذموماً لم يصح أن يكون في دلالته.
والذي يقدرونه أنه سجع فهو وهم، لأنه قد يكون الكلام على مثال السجع وإن لم يكن سجعاً، لأن ما يكون به الكلام سجعاً يختص ببعض الوجوه دون بعض، لأن السجع من الكلام يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع، وليس كذلك ما اتفق مما هو في تقدير السجع، لان اللفظ يقع فيه تاليا للمعنى ".
ثم قال: " ويقال لهم: لو كان الذي في القرآن على ما تقدرونه سجعاً لكان مذموماً مرذولاً، لأن السجع إذا تفاوتت أوزانه، واختلفت طرقه: كان قبيحاً من الكلام.
وللسجع منهج مرتب محفوظ، وطريق مضبوط متى أخل به المتكلم وقع الخلل في كلامه، ونسب إلى الخروج عن الفصاحة ".
ثم قال: " فلو رأوا أن ما تُلِيَ عليهم من القرآن سجعا لقالوا: نحن نعارضه بسجع معتدل، فنزيد في الفصاحة على طريقة القرآن، ونتجاوز حده في البراعة والحسن " ويقول ص ٩٠: " ولو كان الكلام الذي هو في صورة السجع منه لما تحيروا فيه، ولكانت الطباع تدعوا إلى المعارضة، لان السجع ممتنع عليهم، بل هو في عادتهم، فكيف تنقض العادة بما هو نفس العادة، وهو غير خارج عنها ولا متميز منها؟ " ثم مضى في حديثه عن السجع، وذكر فيما ذكر اختلاف العلماء في الشعر كيف اتفق للعرب قوله أو لا؟ وهل كان اتفاقا غير مقصود إليه؟ أم تواضعوا على هذا الوجه من النظم؟ وأن الله عرفهم محاسن الكلام، ودلهم على كل طريقة عجيبة.
ثم أعلمهم عجزهم عن الاتيان بمثل القرآن " ووجدوا أن هذا لما تعذر عليهم مع التحدي والتقريع الشديد والحاجة الماسة إليه، مع علمهم بطريق وضع النظم والنثر، وتكامل أحوالهم فيه - دل على أنه اختص به، ليكون دلالة على