وإذا انتهينا إلى تفصيل القول فيها، استبان ما قلناه من الحاجة إلى هذه المقدمات، حتى يمكن بعدها إحكام القول في هذا الشأن.
وقد صنف " الجاحظ " في نظم القرآن كتابا، لم يزد فيه على ما قاله المتكلمون قبله، ولم يكشف عما يلتبس في أكثر هذا المعنى.
* * *
وسألنا سائل أن نذكر جملة من القول جامعة، تسقط الشبهات، وتزيل الشكوك التى تعرض للجهال، وتنتهى إلى ما يخطر لهم، ويعرض لافهامهم من الطعن في وجه المعجزة.
فأجبناه إلى ذلك، متقربين إلى الله عز وجل، ومتوكلين عليه وعلى حسن توفيقه ومعونته.
ونحن نبين ما سبق فيه البيان من غيرنا، ونشير إليه ولا نبسط القول، لئلا يكون ما ألفناه مكررا ومقولا، بل يكون مستفادا من جهة هذا الكتاب خاصة.
/ ونصف ما يجب وصفه من القول في تنزيل متصرفات الخطاب، وترتيب وجوه الكلام، وما تختلف فيه طرق البلاغة، وتتفاوت من جهته سبل البراعة، وما يشتبه له ظاهر الفصاحة، ويختلف فيه المختلفون من أهل صناعة العربية، والمعرفة بلسان العرب في أصل الوضع.
ثم ما اختلفت به مذاهب مستعمليه في فنون ما ينقسم إليه الكلام، من شعر ورسائل وخطب، وغير ذلك من مجارى الخطاب.
وإن كانت هذه الوجوه الثلاثة أصول ما يبين فيه التفاصح، وتقصد فيه البلاغة، لان هذه أمور يتعمل لها في الاغلب، ولا يتجوز فيها.