للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحن نبين خطأ هذا القول في موضعه، إن شاء الله.

فأما الذي يبين ما ذكرناه من أن الله تعالى حين ابتعثه جعل معجزته

القرآن، وبنى أمر نبوته عليه - فسور كثيرة وآيات نذكر بعضها، وننبه بالمذكور على غيره، فليس يخفى بعد التنبيه على طريقه.

فمن ذلك قوله تعالى: (الّر.

كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِليكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظًّلًمَاتِ إِلى النُّورِ بإِذْنِ رَبِّهمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (١) فأخبر أنه أنزله ليقع الاهتداء به، ولا يكون كذلك إلا وهو حجة، ولا يكون حجة إن لم يكن معجزة.

/ وقال عز وجل: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ استَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ) (٢) فلولا أن سماعه إياه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه.

ولا يكون حجة إلا وهو معجزة.

وقال عز وجل: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) .

وهذا بيّن جداً فيما قلناه، من إنه جعله سبباً لكونه منذراً.

ثم أوضح ذلك بأن قال: (بِلِسَانٍ عَرَبيٍّ مُّبِينٍ) (٣) .

فلولا أن كونه بهذا اللسان حجة، لم يعقب كلامه الأول به.

وما من سورة افتتحت بذكر الحروف المقطعة إلا وقد أشبع فيها بيان ما قلناه.

ونحن نذكر بعضها لتستدل بذلك على ما بعده.

وكثير من هذه السور إذا تأملته فهو من أوله إلى آخره مبني على لزوم حجة القرآن، والتنبيه على وجه معجزته.

فمن ذلك سورة المؤمن (٤) .

قوله عز وجل: (حم.

تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم) ثم وصف نفسه بما هو أهله من قوله تعالى: (غَافِرِ الذَّنبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الَّطْولِ، لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ، إِليْهِ الْمَصِيرُ.

مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إَلا الَّذينَ كفروا فلا يغررك / تقلبهم في


(١) سورة إبراهيم: ١
(٢) سورة التوبة: ٦ (٣) سورة الشعراء: ١٩٢ - ١٩٥ (٤) هي سورة غافر (*)

<<  <   >  >>