للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القرطبي: " {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} قال سعيد بن جبير: على ملة الإسلام وحدها .. {ولا يزالون مختلفين} أي: على أديان شتى قاله مجاهد وقتادة ". (١)

وقال ابن كثير: " {ولا يزالون مختلفين - إلا من رحم ربك} أي: ولا يزال الخلف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم .. قال الحسن البصري: الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك، فمن رحم ربك غير مختلف". (٢)

ويقول الفخر الرازي: " والمراد اختلاف الناس في الأديان والأخلاق والأفعال". (٣)

بل يرى الحسن البصري ومقاتل وعطاء وغيرهم من المفسرين أن الله خلق الناس ليختلفوا، وذلك لقوله: {ولا يزالون مختلفين - إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} (هود: ١١٨ - ١١٩).

وذهب آخرون من المفسرين ومنهم ابن عباس ومجاهد وقتادة إلى أن اسم الإشارة يعود إلى الرحمة، أي: خلقهم ليرحمهم.

وذهب ابن جرير الطبري وابن كثير وغيرهما إلى عود الإشارة إلى الإثنين معاً، أي: خلقهم ليختلفوا، وليرحم من سلك الصراط المستقيم. (٤)

يقول ابن سعدي: " يخبر الله تعالى أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة على الدين الإسلامي، فإن مشيئته غير قاصرة، ولا يمتنع عليه شيء، ولكنه اقتضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين، مخالفين للصراط المستقيم، متبعين للسبل الموصلة إلى النار .. ".

وعن قوله سبحانه: {ولذلك خلقهم} قال: "أي اقتضت حكمته، أنه خلقهم ليكون منهم السعداء [و] الأشقياء، والمتفقون والمختلفون، والفريق


(١) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ١١٤).
(٢) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٦٦).
(٣) التفسير الكبير (١٨/ ٧٦).
(٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٩/ ١١٤).

<<  <   >  >>