للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وفي المقابل، فإن "أفاضل الصحابة الذين لا نظير لهم؛ إنما أسلموا بقيام البراهين على صحة نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - عندهم، فكانوا أفضل ممن أسلم بالغلبة بلا خلاف من أحد المسلمين". (١)

ويثني ابن حزم بدليل آخر، فيقول: "أول ما أمر الله عز وجل نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له الناس بالحجة البالغة بلا قتال، فلما قامت الحجة وعاندوا الحق أطلق الله تعالى عليهم السيف حينئذ، وقال تعالى: {قل فلله الحجة البالغة} (الأنعام: ١٤٩). وقال تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} (الأنبياء: ١٨) ". (٢)

يقول ابن تيمية: "فكل من لم يناظر أهل الإلحاد والبدع مناظرة تقطع دابرهم لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفّى بموجب العلم والإيمان، ولا حصل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس، ولا أفاد كلامه العلم واليقين". (٣)

وكأني به - رحمه الله - يرد على ما سيقول الصفدي في ترجمته، فقد قال: "وضيّع الزمان في رده على النصارى والرافضة ومن عاند الدين وناقضه، ولو تصدى لشرح البخاري أو لتفسير القرآن العظيم لقلّد أعناق أهل العلوم بدرِّ كلامه النظيم". (٤)

ويقول ابن القيم داعياً إلى محاورة أهل الكتاب: "جواز مجادلة أهل الكتاب ومناظرتهم، بل استحباب ذلك، بل وجوبه إذا ظهرت مصلحته من إسلام من يرجى إسلامه منهم وإقامة الحجة عليهم، ولا يهرب من مجادلتهم إلا عاجز عن إقامة الحجة، فليولِ ذلك إلى أهله، وليخلِ بين المطي وحاديها، والقوس وباريها ". (٥)


(١) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٦).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام (١/ ٢٦).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٠/ ١٦٤ - ١٦٥).
(٤) انظر: الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٨٧)، وقد نقله عن جزء مخطوط لم يطبع من كتاب "أعيان العصر وأعوان النصر" للصفدي.
(٥) زاد المعاد (٣/ ٦٣٩).

<<  <   >  >>