للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما موضوع الدعوة والحوار فإنه حول أصول الدين وسبيل سعادة الدارين: {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} (آل عمران: ٦٤).

قال الطبري: " قل يا محمد لأهل الكتاب - وهم أهل التوراة والإنجيل - {تعالوا} هلموا {إلى كلمة سواء}، يعني إلى كلمة عدل بيننا وبينكم، والكلمة العدل هي أن نوحد الله، فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، فلا نشرك به شيئاً.

وقوله: {ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً} يقول: ولا يدين بعضنا لبعض بالطاعة فيما أمر به من معاصي الله ويعظمه بالسجود له كما يسجد لربه، {فإن تولوا} يقول: فإن أعرضوا عما دعوتهم إليه من الكلمة السواء التي أمرتك بدعائهم إليها، فلم يجيبوك إليها، فقولوا أيها المؤمنون للمتولين عن ذلك: {اشهدوا بأنا مسلمون} ". (١)

والنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت دعوته ترجماناً واقعاً لما أمر الله تعالى به من دعوة، فقد دعا - صلى الله عليه وسلم - المشركين إلى الإسلام على اختلاف مذاهبهم ومللهم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم ويحاورهم، وخص أهل الكتاب بمزيد من عنايته، وكان أبرز هذه الحوارات حواره مع نصارى نجران، ومكاتباته لملوك الأرض.

كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغشى الناس في مجالسهم يدعوهم ويحاورهم، ومنه ما رواه الإمام أحمد من حديث عوف بن مالك قال: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر اليهود أروني اثني عشر رجلاً يشهدون أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضبَ الذي غضب عليه)). قال: فأسكتوا، ما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم، فلم يجبه أحد، ثم ثلّث فلم يجبه أحد.


(١) جامع البيان (٣/ ٣٠١).

<<  <   >  >>