للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومما يؤكد ديمومة هذا الحلف في الإسلام أنه كان بين الحسين بن علي وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة، فكان الوليد يتحامل على الحسين بن علي بسلطانه في حقه، فقال الحسين بن علي: أحلف بالله لتنصفني من حقي، أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم لأدعون بحلف الفضول.

فقال عبد الله بن الزبير، وهو عند الوليد، حين قال الحسين ما قال: وأنا أحلف بالله لئن دعا بها لآخذن سيفي، ولأقومن عنده ومعه، حتى ينصف من حقه، أو نموت جميعاً". (١)

وقد يشكل هنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حلف في الإسلام))، فيفهم منه قطع الحلف، وهذا المعنى غير صحيح، فالرواية في صحيح مسلم من حديث جبير بن مطعم: ((لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة)). (٢)

وتأكيداً لهذا الفهم نسوق رواية البخاري عن أنس بن مالك، لما سئل: أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا حلف في الإسلام) قال: قد حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داري. (٣)

قال الطبري: " ما استدل به أنس على إثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم في نفيه , فإنّ الإخاء المذكور كان في أوّل الهجرة، وكانوا يتوارثون به , ثم نسخ من ذلك الميراث وبقي ما لم يبطله القرآن، وهو التّعاون على الحقّ والنّصر والأخذ على يد الظالم كما قال ابن عباس: إلا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له." (٤)

وقال القرطبي: "قال العلماء: فهذا الحلف الذي كان في الجاهلية هو


(١) مشكل الآثار للطحاوي ح (٥٢١٧).
(٢) رواه مسلم ح (٢٥٣٠).
(٣) رواه البخاري ح (٢٢٩٤)، ومسلم ح (٢٥٢٩).
(٤) جامع البيان (١٢/ ٣٤١).

<<  <   >  >>