للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التي حرمها الله ورسوله، قال تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} (هود: ١١٣)، قال أبو العالية: " لا ترضوا أعمالهم، فتمسكم النار " قال ابن زيد: "الركون الإدهان، وقرأ: {ودوا لو تدهن فيدهنون} (القلم: ٩)، قال: تركن إليهم، ولا تنكر عليهم الذي قالوا، وقد قالوا العظيم من كفرهم بالله وكتابه ورسله". (١)

قال الطبري مبيناً ما في الآية من تحذير من اللين والمطاوعة في الدين: " ود هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك". (٢)

ولا يخفى أن المداراة أو الرفق من آداب الإسلام في معاملة المخالفين، ولا يخفى على المحقق الفرق بينه وبين الإدهان المحرم، قال القرطبي في التفريق بينهما: "والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معًا , وهي مباحة, وربما استُحبت , والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا ". (٣)

ومن صور المداهنة التي يقع بها المتحاورون في وحدة الأديان، تسميتهم للمعابد والكنائس بيوت الله، وهي إلى كفران الله وعصيانه أقرب.

قال شيخ الإسلام حين سئل عن تسمية البِيَع بيوت الله: "ليست بيوت الله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي [أي البيع] بيوت يكفر فيها بالله .. فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار". (٤)

لكن تلك المداهنة المحرمة دون الحكم بإيمان أهل الملل وتسويغ معتقداتهم،

أو حتى الارتياب في ثبوت كفرهم وبطلان عقائدهم وعباداتهم، فإن الشك في كفرهم وفساد مذهبهم كفر مخرج من الملة.


(١) جامع البيان (١٢/ ١٢٧).
(٢) جامع البيان (٢٩/ ٢١).
(٣) فتح الباري (١٠/ ٤٥٤).
(٤) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٦٢).

<<  <   >  >>