للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢. الغض عن إساءة الآخر ومقابلتها بالإحسان

لا ريب أن اختلاف العقائد يورث الضغائن، وقد يصدر من اللسان ما يسوء المسلم سماعه، سواء ما كان متعلقاً بمعتقده أم بشخصه، وهذه الإساءة فرع عن الكفر الذي يتلبس به المحاور، فماذا يكون موقف المحاور المسلم؟ هل يغلق باب الحوار ويوقف مسار الدعوة، أم يتغاضى عن خطأ الآخر سياسة وصوناً لمصلحة الدعوة؟

لا ريب أن الموقف يفرض التصرف الأمثل الذي يسلكه الداعية تجاه هذا العدوان، إذ قد أذن الشرع برد العدوان: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} (النحل: ١٢٦)، قال القرطبي: " أيها المؤمنون من ظلمكم واعتدى عليكم، فعاقبوه بمثل الذي نالكم به ظالمكم، ولئن صبرتم عن عقوبته، واحتسبتم عند الله ما نالكم به من الظلم، ووكلتم أمره إليه حتى يكون هو المتولي عقوبته {لهو خير للصابرين} يقول: للصبر عن عقوبته بذلك خير لأهل الصبر احتساباً وابتغاء ثواب الله". (١)

وفي الصبر على أخطاء المخالف يقول الله: {ادفع بالتي هي أحسنُ السيئةَ نحن أعلم بما يصفون} (المؤمنون: ٩٦).

قال الطبري: "وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها: أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك". (٢)

ويقول ابن كثير: " أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه، ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى .. ". (٣)

ونقل الطبري عن مجاهد في سياق تفسيره لقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} قولَه: "إن قالوا شراً، فقولوا خيراً: {إلا الذين ظلموا منهم} فانتصروا منهم". (٤)


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ١٩٥).
(٢) جامع البيان (١٤/ ١٩٤).
(٣) تفسير القرآن العظيم (١/ ١٤).
(٤) جامع البيان (٢١/ ١).

<<  <   >  >>