للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- وكذا ادعى بعض أهل العلم النسخ في قوله تعالى: {فإنما عليك البلاغ} (آل عمران:٢٠)، لكن غيرهم من العلماء ضعفوه وخالفوهم فيه، وردوا عليهم دعواهم لعدم الدليل عليها. قال القرطبي: " أي: إنما عليك أن تبلغ، قيل: إنه مما نسخ بالجهاد. وقال ابن عطية: وهذا يحتاج إلى معرفة تاريخ نزولها ". (١)

- وقد ادعوا النسخ أيضاً في قوله تعالى: {وإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين} (النحل: ٨٢)، قال ابن الجوزي: "ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الكلام اقتضى الاقتصار على التبليغ دون القتال، ثم نسخ بآية السيف، وقال بعضهم: لما كان حريصاً على إيمانهم مزعجاً نفسه في الاجتهاد في ذلك سكّن جأشه بقوله: {إنما أنت نذير} (هود: ١٢) و {فإنما عليك البلاغ}، والمعنى: لا تقدر على سوق قلوبهم إلى الصلاح، فعلى هذا لا نسخ". (٢)

- وقال ابن الجوزي عن آية سورة الرعد {فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب} (الرعد: ٤٠): "قالوا: نسخ بآية السيف، وعلى ما سبق تحقيقه في نظائرها لا وجه للنسخ". (٣)

- وادعى بعض أهل العلم نسخ قوله تعالى: {لست عليهم بمسيطر} (الغاشية: ٢٢)، فقال ابن الجوزي: "وقد قال بعض المفسرين في معناها: لست عليهم بمسلط، فتكرههم على الإيمان، فعلى هذا لا نسخ ... ". (٤)

- وادعى بعض أهل العلم أيضاً نسخ آية سورة التين، وهي قوله: {أليس الله بأحكم الحاكمين} (التين: ٨)، فقالوا: "نسخ معناها بآية السيف، لأنه ظن أن معناها: دعهم وخلِّ عنهم، وليس الأمر كما ظن، فلا وجه للنسخ". (٥)

وبهذا البيان تبين أن القول بنسخ آيات الجدال دعوى لا تقبل إلا ببرهان


(١) الجامع لأحكام القرآن (٤/ ٤٦).
(٢) نواسخ القرآن (١/ ١٠٤)، وانظر (١/ ١٨٣).
(٣) المصفى من علم الناسخ والمنسوخ (١/ ٤٠).
(٤) المصفى من علم الناسخ والمنسوخ (١/ ٥٩).
(٥) نواسخ القرآن (١/ ٢٥٢).

<<  <   >  >>