للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أبو بكر محمد ابن الأبيض

رحمه الله تعالى

أي سحر ظهر مبهر، بحث عن المعنى الرائق واستقصى، وملك الحسن الأحمر ورمى الغرض الأقصى، صقل ألفاظه وجلا، وهو في التوشيح ابن جلا، فقلد الزمان حليه، وأمطر بروض الإحسان وسميه ووليه، فأخترع وولد، وأشتمل بالسحر وتقلد، ونظم شعره وتوشيحه في قالب الإعجاز، متصرفا فيه بالحقيقة والمجاز، وله في هزل الكلام العامي نظم حسن أقسامه، وتقلد فيه من الغريب حسامه، وهاك من رائق توشيحه ما يكسبك ارتياحا، ويدير عليك من القبول راحا، فمن ذلك قوله:

مهجتي عند أعز ... . . . الموت أيام

خالعا في الحب قيدي ... ما ألذ العيش لو دام

جنة المشتاق هل لي ... غير أن أشقى وتنعم

قلما يرتاب مثلي ... أن يرى شيئا فيحرم

أيها المغري بقتلي ... ميتتي بالسيف أكرم

وجراح الحب وخز ... وجراح الحب آلام

أهلكت حزمي وأيدي ... فبنات الحب أيتام

كيف لا تحسن دنيا ... سن فيها العدل سير

ملك طلق المحيا ... كله بشر ونور

قد أقرت كل عليا ... أنه العلق الخطير

فإذا ما الحرب تنزو ... بالقنا بأسا وأقدام

عف عن طعن الوريد ... ومشى بالرمح قدام

لك بالعلياء وسم ... عندما يحمي الوطيس

وشراب القوم سم ... أترعت فيه الكؤوس

بأبي يوم أحم ... بذلت فيه النفوس

وكلام الحرب رمز ... أفهمت من بعد أعجام

قابلت كدا بكد ... فقرعت إلهام بالهام

أيها الملك السعيد ... بأبي يوم الرهان

فأقتنص فيها تصيد ... شاعرا حلو المعاني

يقتني السهم السديد ... بملمات الزمان

أنا للأيام كنز ... لا يخاف الدهر أعوام

فأغتنم بالجاه صيدي ... أن للأحرار أسهام

لم يخب عن السداد ... من أبو يحيى وزيره

أي رأي في الجهاد ... وأناسا تستشيره

. . . . . . . . . ... . . . . . . . . .

مع ولي اله نغزو ... غزوة بمصر والشام

نهزم الجيش العبيدي ... ونرد الشيعة إسلام

في مقلة الغزال ... الأحور دمع كاذب

كأن ماء قلبي ... يعصر عنها ذائب

للشوق في ضلوعي نار ... من الولوع شرارها دموعي

فبات في جفوني ... يسهر وقد ثاقب

أرد الظلام حتى ... أسفر منه الجانب

حنت إلى المزاح نورية ... السراج تلتاح في الزجاج

كأنما العقيق ... الحمر فيها ذائب

عليه من نفيس الجوهر ... سمط لاعب

يا جامع العنان ... شرف ولو مكاني حملا على الزمان

فوجهك الأنيق ... المنظر حسب الطالب

وذكرك الرفيع الأعطر ... زاد الراكب

<<  <   >  >>