للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الأحنف بن قيس قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: يا أحنف، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه وقل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه (١).

والوجه تخلقه المزاحة إنها ... لفظ يضر ومنطق لا يرشد

فدع المزاحة للسفيه فربما ... هاجت عجاج عداوة لا تحمد (٢)

إن الجاد في عمله الخائف من الأحوال التي أمامه .. في حال لا يتطرق إليها المزاح ولا الهزل إنه كما قال موسى بن إسماعيل .. لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا قط لصدقتكم، كان مشغولاً لنفسه، إما أن يحدث، وإما أن يقرأ وإما أن يسبح وإما أن يصلي، كان قد قسم النهار على هذه الأعمال.

نعم كانوا يخشون ما أقبل من الأيام ويخافون موقفًا تقشعر من رؤيته الأبدان .. فقد كان عبد الله أبو يعلى يقول: أتضحك ولعل أكفانك قد خرجت من عند القصار (٣).

وحكي عن بعض الصالحين أنه رأى رجلاً وهو يضحك


(١) تاريخ عمر لابن الجوزي ٢٠٠.
(٢) كتاب الصمت ٢١٢.
(٣) الإحياء ٣/ ١٣٧.

<<  <   >  >>