للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنَّ من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلمِ (١)

يؤيده البيت الخامس من الهمزية:

لك ذات العلوم من عالم الغيـ ... ـب ومنها لآدم الأسماءُ

لذلك قال الهيتمي في شرح هذا البيت:

(إن آدم لم يحصل له من العلوم إلا مجرد العلم من أسمائها، وأن الحاصل لنبينا هو العلم بحقائقها، ومسمياتها، ولا ريب أن العلم بهذا أعلى وأجل، من العلم بمجرد أسمائها، لأنها إنما يؤتى بها لتبيين المسميات فهي المقصودة بالذات، وتلك بالوسيلة، وشتان ما بينهما، ونظير ذلك أن المقصود من خلق آدم إنما هو خلق نبينا صلى الله عليه وسلم من صلبه فهو المقصود بطريق الذات، وآدم بطريق الوسيلة. ومن ثم قال بعض المحققين: إنما سجد الملائكة لأجل نور محمد صلى الله عليه وسلم الذي في جبينه.) (٢)


(١) هناك من أمور الغيب ما أطلعه الله على من ارتضاهم من رسله ومنهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لكن البوصيري يزعم أن ما في اللوح المحفوظ بعضٌ مما عنده صلى الله عليه وسلم فقوله: (ومن علومك) من هنا: للتبعيض، ولذلك يقول الهيتمي شارحاً هذا البيت: ((ووجه كون علم اللوح المحفوظ من بعض علومه صلى الله عليه وسلم أن الله أطلعه ليلة الإسراء على جميع ما في اللوح المحفوظ وزاده علوماً أخر كالأسرار المتعلقة بذاته سبحانه وتعالى وصفاته)) انظر: (العمدة شرح البردة) (ص ٦٩٩) ، ولما حارَ بعضهم وأراد أن يخرج من هذا المأزق أتى بما يُضحك فقال: (قال الشُّراح: المراد باللوح ما يكتب الناس عليه، وبالقلم: ما يكتبون به، فكأنه قال: ومن علومك علم الناس الذي يكتبونه بأقلامهم في ألواحهم.) انظر: (نحت حديد الباطل وبرده) لداود النقشبندي (ص٣٩) ، (البلسم المريح من شفاء القلب الجريح) لعمر كامل (ص ١٤) .
(٢) انظر: (المنح المكية شرح الهمزية للهيتمي) (١/١٤٦) .

<<  <   >  >>