برجولتهم وإنسانيتهم، وحبسًا لنشاطهم، وقضاء على كل أمل في تحرير مصر، وتمكينًا للاستعمار من رقاب المصريين.
حدث هذا فيما بين سنتي ١٩١٤ و١٩١٨ يوم كانت عجلة الحرب تدور ضد الإنجليز، وكان الأتراك على أبواب مصر من الشرق، والسنوسيون في الغرب، وكان يكفي أن يتحرك المصريون أقل حركة ليتخلصوا من نير الإنجليز وَلِيُغَيِّرُوا بحركتهم المصير الذي انتهت إليه الحرب، ولكن حكام مصر كانوا أشد عطفًا وأكثر حَدْبًا على الإنجليز منهم على حرية مصر وكرامتها، فدفعوا إلى السجون والمعتقلات والمنافي بكل من يناوئ الإنجليز أو من يظن أنه يفكر في مناوأتهم.
وحدث مثل هذا فيما بين سنتي ١٩٤٠ و١٩٤٤ يوم كان الإنجليز يقفون على حافة الهاوية، ويوم بدأ الإنجليز يرحلون عن مصر خائفين مترقبين يائسين، ولكن الحكومة المصرية وحدها هي التي أَمَّنَتْ خوفهم، وأذهبت يأسهم، وأبقت على سلطانهم.
وفي سنة ١٩٤٨ بلغت ثورة النفوس ضد الإنجليز مداها، وتزعزع النفوذ الإنجليزي في مصر إلى حد كبير، وكان سبب هذا كله والدافع إليه جماعة الإخوان المسلمين، فسعى الإنجليز إلى الحكومة المصرية يستعدونها على الاخوان المسلمين، فتحولت الحكومة المصرية الواهنة المستسلمة إلى مارد جبار يقتل هؤلاء الإخوان ويغتالهم، ويملأ بهم السجون والمعتقلات، ويمثل بهم أشنع تمثيل، ويستبيح من أجسامهم وأعراضهم وكراماتهم ما تأنف البهائم والوحوش أن تأتيه.