كما هو الحال في أوروبا، وإنما في بلاد الإسلام سلطة واحدة تجمع في يديها شؤون الدنيا والدين، وتقيم الدولة على أساس الإسلام الذي مزج بين الدين والدولة مَزْجًا جعل الدولة هي الدين وجعل الدين هو الدولة.
الدين لا يؤخر الشعوب:
أما ما يدعيه المستعمرون والمبشرون من أن الدين يؤخر الشعوب فينقضه أن المستعمرين جَمِيعًا يتمسكون في بلادهم بالدين، وليس في البلاد الاستعمارية بلد واحد ألغى الدين، وينقضه أن البلاد الأوروبية الاستعمارية والبلاد الاستغلالية تنفق كل عام مئات الملايين من الجنيهات على التبشير بالمسيحية في بلاد الإسلام، ولو كان الدين يؤخر الشعوب كما يدعون لألغوه في بلادهم ليستكملوا الرقي والتقدم، ولما أنفقوا على نشره أموالاً طائلة هم أولى بإنفاقها في وجوه أخرى تنفعهم وتعود عليهم بالخير.
وإذا كان في أي دين من الأديان ما يدعو إلى التأخر، فليس في طبيعة الدين الإسلامي إلا ما يدعو إلى التقدم والتفوق، فهو يوجب على المسلم أن يأخذ بأسباب القوة والعزة والتفوق والسيادة، وهو يوجب على المسلم أن يعمل ولا يتبطل، وهو يأمر بالخير والبر والتعاون والتراحم، وهو يقيم الجماعة على أساس المساواة التامة والأخوة المتعاونة والعدالة المطلقة، وهو يدعو الجماعة إلى التحرر من الخوف والجهل والضعف والفقر، وينكر الاستعلاء والأثرة والاحتكار والاستغلال